أقول فيه؟ فو الله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، والله إن لقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى، وقال: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أتفكر فيه، فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثر عن غيره فنزلت:
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً حتى بلغ تِسْعَةَ عَشَرَ وقد ذكر محمد بن إسحاق وغير واحد نحوا من هذا).
٥ - بمناسبة قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قال ابن كثير: (أي: من مقدمي الزبانية عظيم خلقهم غليظ خلقهم، وقد روى ابن أبي حاتم عن البراء في قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قال: إن رهطا من اليهود سألوا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فقال: الله ورسوله أعلم، فجاء رجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى عليه ساعتئذ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ فأخبر أصحابه وقال:
«ادعهم أما إني سائلهم عن تربة الجنة إن أتوني، أما إنها درمكة بيضاء» فجاءوه فسألوه عن خزنة جهنم فأهوى بأصابع كفيه مرتين، وأمسك الإبهام في الثانية ثم قال:
«أخبروني عن تربة الجنة» فقالوا: أخبرهم يا ابن سلام، فقال: كأنها خبزة بيضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما إن الخبز إنما يكون من الدرمك» هكذا وقع عند ابن أبي حاتم عن البراء، والمشهور عن جابر بن عبد الله كما روى الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد غلب أصحابك اليوم، فقال:«بأي شئ؟» قال: سألتهم يهود: هل أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار؟ قالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أفغلب قوم يسألون عما لا يعلمون فقالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم؟ علي بأعداء الله، لكنهم قد سألوا نبيهم أن يريهم الله جهرة» فأرسل إليهم فدعاهم، قالوا: يا أبا القاسم كم عدة خزنة أهل النار؟
قال:«هكذا» وطبق كفيه، ثم طبق كفيه مرتين وعقد واحدة وقال لأصحابه:«إن سئلتم عن تربة الجنة فهي الدرمك» فلما سألوه، فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار، قال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:«ما تربة الجنة؟» فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: خبزة يا أبا القاسم، فقال:«الخبزة من الدرمك» وهكذا رواه الترمذي عند هذه الآية عن ابن أبي عمر عن سفيان به، وقال هو والبزار: لا يعرف إلا من حديث مجالد).