والملاحظ أنه بعد مقدمة سورة البقرة مباشرة يأتي قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ وفي الآية الأولى من سورة الإنسان يأتي قوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ والسورة نفسها اسمها سورة الإنسان، وهذا يجعلنا نستأنس على أن محور السورة هو الآيات الآتية بعد المقدمة.
والملاحظ أن سورة المزمل ورد فيها قوله تعالى: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا وورد فيها قوله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا وورد فيها قوله تعالى: إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا وأن سورة الإنسان ورد فيها قوله تعالى:
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا* وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا وورد فيها قوله تعالى: إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا والملاحظ أن سورتي المزمل والمدثر ورد في الأولى منهما قوله تعالى: وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وفي الثانية منهما وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ وورد في الثانية منهما أيضا كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ وورد في سورة الإنسان وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً، إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا وتختم سورة المدثر بقوله تعالى:
كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ* فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ* وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وسورة الإنسان تختم بقوله تعالى: إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا* وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً* يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً ومثل هذا التشابه بين معان في سورة الإنسان، ومعان في سورتي المزمل والمدثر، يجعلنا نستأنس أن محور سورة الإنسان هو محور سورتي المزمل والمدثر، فسورة الإنسان تشرح الطريق، كما أن سورتي المزمل والمدثر تشرحان الطريق.
تتألف السورة من مقدمة هي آيتان، ومن فقرتين واضحتي المعالم، كل منهما مبدوء بقوله تعالى: إِنَّا* الأولى مبدوءة بقوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ