للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأقوال بالصواب قول من قال معنى ذلك من نطفة أمشاج: نطفة الرجل ونطفة المرأة، لأن الله تعالى وصف النطفة بأنها أمشاج ... وهي إذا انتقلت فصارت علقة فقد استحالت عن معنى النطفة، فكيف تكون نطفة أمشاجا وهي علقة.

تفسير ابن كثير للآية: يقول تعالى مخبرا عن الإنسان أنه وجد بعد أن لم يكن شيئا مذكورا، لضعفه وحقارته، فقال تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ثم بين ذلك فقال جل جلاله: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ أي: أخلاط، والمشج والمشيج الشئ المختلط بعضه على بعض.

وقال ابن عباس في قوله تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ يعني: ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا، ثم ينتقل بعد من طور إلى طور، ومن حال إلى حال، ومن لون إلى لون، وهكذا قال عكرمة ومجاهد والحسن البصري والربيع بن أنس: الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.

الأحاديث: أخرج الإمام أحمد في مسنده: أن يهوديا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال: لأسألنه عن شئ لا يعلمه إلا نبي فقال: يا محمد مم يخلق الإنسان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يا يهودي، من كل يخلق، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة» فقال اليهودي: هكذا كان يقول من قبلك (أي: من الأنبياء).

مما تقدم يتضح بجلاء أن ما اكتشفته البشرية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قد تحدث به القرآن الكريم بلا أدنى لبس أو مواربة، وقد وضحته الأحاديث النبوية الشريفة ... كما أن الصحابة والتابعين من أعلام المفسرين- وعلى رأسهم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قد فهموا من الآيات الكريمة ما نفهمه نحن اليوم بعد الاكتشافات العلمية، وقد نقلنا ذلك عنهم حسب ما رواه شيخ المفسرين ابن جرير الطبري، والحافظ ابن كثير الدمشقي، وغيرهم من أعلام التفسير في القديم والحديث، ولا أظن أحدا سيتهمنا بأننا نعتسف النصوص لنفسر بها الإعجاز العلمي في القرآن الكريم).

٣ - بمناسبة قوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً قال ابن كثير: (وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب

<<  <  ج: ص:  >  >>