للإنسان أنه كادح كل الكدح لملاقاة الله عزّ وجل، ومن ثم طالبت السورة من خلال عرض ما لأهل اليمين ولأهل الشمال، بالعمل الصالح، وبينت سورة الانشقاق أن الإنسان منتقل من حال إلى حال في الدنيا، وفي الآخرة، ومن ثم فهذا يقتضي منه إيمانا وعملا صالحا. وأنذرت السورة من لم يؤمن ويعمل صالحا، وهكذا دعت سورة الانشقاق من خلال تبيان كدح الإنسان وانتقاله من حال إلى حال إلى السير في طريق البر والتخلي عن طريق الفجور، فالسورتان تتكاملان لتؤديا دورا واحدا في قضية الأساس والطريق.
وقد رأينا أن لكل سورة سياقها الخاص، وصلتها بمحورها، وأن كل سورة فيها جديد، ورأينا صلة نهاية السورة الأولى ببداية الثانية، وهكذا نجد أن السياق القرآني العام يذكر هذه النفس البشرية مرة ومرة ومرة، بمعنى ومعنى ومعنى، وهكذا تأخذ النفس البشرية خطها من التذكير المحيط الشامل، ومن ثم ندبت السنة إلى قراءة القرآن في الشهر مرة؛ لتأخذ النفس البشرية حظها من هذا التذكير الشامل في كل شهر، ويا حسرة على أولئك المحرومين من هذه النعمة فكيف بالمحرومين أصلا من نعمة الإيمان بهذا القرآن.