وقال صاحب الظلال في قوله تعالى: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ* وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ: (تبدأ السورة- قبل الإشارة إلى حادث الأخدود- بهذا القسم:
بالسماء ذات البروج، وهي إما أن تكون أجرام النجوم الهائلة وكأنها بروج السماء الضخمة أي: قصورها المبنية، كما قال: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ .. كما قال: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها .. وإما أن تكون هي المنازل التي تنتقل فيها تلك الأجرام في أثناء دورانها، وهي مجالاتها التي لا تتعداها في جريانها في السماء.
والإشارة إليها يوحي بالضخامة. وهو الظل المراد إلقاؤه في هذا الجو.
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ .. وهو يوم الفصل في أحداث الدنيا، وتصفية حساب الأرض وما كان فيها. وهو الموعود الذي وعد الله بمجيئه، ووعد بالحساب والجزاء فيه، وأمهل المتخاصمين والمتقاضين إليه. وهو اليوم العظيم الذي تتطلع إليه الخلائق، وتترقبه لترى كيف تصير الأمور. وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ .. في ذلك اليوم الذي تعرض فيه الأعمال، وتعرض فيه الخلائق، فتصبح كلها مشهودة. ويصبح الجميع شاهدين، ويعلم كل شئ، ويظهر مكشوفا لا يستره ساتر عن القلوب والعيون ..
وتلتقي السماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهد ومشهود .. تلتقي جميعا في إلقاء ظلال الاهتمام والاحتفال والاحتشاد والضخامة على الجو الذي يعرض فيه بعد ذلك حادث الأخدود. كما توحي بالمجال الواسع الشامل الذي يوضع فيه هذا الحادث.
وتوزن فيه حقيقته ويصفي فيه حسابه .. وهو أكبر من مجال الأرض، وأبعد من مدى الحياة الدنيا وأجلها المحدود .. ).
٣ - هناك اختلاف كثير بين المفسرين حول هوية أصحاب الأخدود وأقوى الأقوال في ذلك أنهم من أهل نجران اليمن، ويحملون قصة الغلام التي وردت في السنة على ذلك قال ابن كثير: (وقد روى الإمام أحمد عن صهيب أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك: إني قد كبر سني وحضر أجلي فادفع إلي غلاما لأعلمه السحر، فدفع إليه غلاما كان يعلمه السحر، وكان بين الساحر وبين الملك راهب، فأتى الغلام على الراهب، فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال: ما حبسك؟
وإذا أتى أهله ضربوه وقالوا ما حبسك؟، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني الساحر،