ومن قبل في سورة الفجر التي هي بداية المجموعة الثانية عشرة مر معنا قوله تعالى:
كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ* وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ثم مر معنا في سورة البلد قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ .. وهاهنا نجد فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ .. ومن هاهنا ندرك أن الصلة بين سورة الضحى ومجموعتها واضحة.
في سورة البلد مر معنا قوله تعالى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ وفي سورة الشمس مر معنا قوله تعالى: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها وفي سورة الليل مر قوله تعالى: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى وفي سورة الضحى يأتي قوله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وفي ذلك تكامل في المعاني ما بين سور المجموعة الواحدة.
تبدأ سورة الضحى بقسم وهو علامة على أن السورة تفصل في مقدمة سورة البقرة وذلك شئ رأيناه مطردا في السياق القرآني العام، وعند التأمل في السورة نجدها خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند ما نتأمل مقدمة سورة البقرة نجد فيها أكثر من خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فسورة الضحى تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن ليكون القدوة العليا في التقوى وفي الشكر.
في السور السابقة على سورة الضحى كان هناك حض على معان، وفي سورة الضحى خطاب بمعان لرسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة العليا للمتقين، لتكون الأسوة موجودة فيها، وليعلم الناس أن أحدا ما لا يخرج عن الخطاب بهذه المعاني بل يطالب بها أكرم الخلق على الله عزّ وجل. فيا ويل الذين يرون أنفسهم خارجين عن خطاب الشرع، ولعنة الله عليهم وعلى أئمتهم الذين أحلوا لهم الحرام، وحرموا عليهم الحلال فتابعوهم، فجعلوا أنفسهم أربابا وتابعهم الأتباع فأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. ومن السورة التي يتوجه فيها الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ندرك أن النعمة تقتضي شكرا يتمثل بعمل لا يستثنى من ذلك أحد، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطالب بذلك أكثر من غيره، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا».
إن السورة بمجموعها تربي سيد الخلق الأسوة العليا ولذلك فهي من جانب خطاب