٢ - بمناسبة قوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال ابن كثير:
(أي: في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته وفيما أعد له من الكرامة ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف وطينه مسك أذفر كما سيأتي. وروى الإمام أبو عمرو الأوزاعي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا فسر بذلك فأنزل الله وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريقه، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس، ومثل هذا ما يقال إلا عن توقيف، وقال السدي عن ابن عباس: من رضاء محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وقال الحسن:
يعني بذلك الشفاعة، وهكذا قال أبو جعفر الباقر، وروى أبو بكر ابن أبي شيبة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، ولسوف يعطيك ربك فترضى»).
٣ - بمناسبة قوله تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى قال ابن كثير: (وذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أمه، وقيل: بعد أن ولد عليه السلام، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين، ثم كان في كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، ثم لم يزل يحوطه وينصره، ويرفع من قدره ويوقره، ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله وحسن تدبيره إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سنته على الوجه الأتم الأكمل، فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه، وقاتلوا بين يديه رضي الله عنهم أجمعين، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به).
٤ - بمناسبة قوله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى قال ابن كثير: (وقوله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى كقوله: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا الآية ومنهم من قال: إن المراد بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ضل في شعاب مكة، وهو صغير ثم رجع، وقيل: إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام، وكان راكبا ناقة في