فأما ربا النسيئة فقد قال عنه قتادة:«إن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه».
وقال مجاهد:«كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين، فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني. فيؤخر عنه».
وقال أبو بكر الجصاص:«إنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة. فكانت الزيادة بدلا من الأجل. فأبطله الله تعالى».
وقال الإمام الرازي في تفسيره:«إن ربا النسيئة هو الذي كان مشهورا في الجاهلية لأن الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجل، على أن يأخذ منه كل شهر قدرا معينا، ورأس المال باق بحاله. فإذا حل طالبه برأس ماله. فإن تعذر عليه الأداء زاده في الحق والأجل».
وقد ورد في حديث أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:
«لا ربا إلا في النسيئة»(رواه البخاري ومسلم).
أما ربا الفضل فهو أن يبيع الرجل الشئ بالشئ من نوعه مع زيادة. كبيع الذهب بالذهب. والدراهم بالدراهم. والقمح بالقمح. والشعير بالشعير .. وهكذا .. وقد ألحق هذا النوع بالربا لما فيه من شبه به؛ ولما يصاحبه من مشاعر مشابهة للمشاعر المصاحبة لعملية الربا .. وهذه النقطة شديدة الأهمية لنا في الكلام عن العمليات الحاضرة ..
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح .. مثلا بمثل .. يدا بيد .. فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» ... (رواه الشيخان) وعن أبي سعيد الخدري أيضا قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «من أين هذا؟» قال: كان عندنا تمر ردئ فبعت منه صاعين بصاع. فقال:
«أوه! عين الربا. عين الربا. لا تفعل. ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتر به». (متفق عليه) فأما النوع الأول فالربا ظاهر فيه لا يحتاج إلى بيان، إذ تتوافر فيه العناصر الأساسية لكل عملية ربوية. وهي: الزيادة على أصل المال. والأجل الذي من أجله تؤدى هذه الزيادة. وكون هذه الفائدة شرطا مضمونا