حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث، ثم اهتبلت غفلته قلت: في أي العشرين هي؟ قال:
«ابتغوها في العشر الأواخر، لا تسألني عن شئ بعدها» ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اهتبلت غفلته فقلت: يا رسول الله أقسمت عليك بحقي عليك لما أخبرتني في أي العشر هي؟ فغضب علي غضبا لم يغضب مثله منذ صحبته وقال:«التمسوها في السبع الأواخر، لا تسألني عن شئ بعدها» ورواه النسائي بإسناده، ففيه دلالة على ما ذكرناه، وفيه أنها تكون باقية إلى يوم القيامة في كل سنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها ويكون الاجتهاد في العشر الأخير أكثر، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عزّ وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده. أخرجاه من حديث عائشة، ولهما عن ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وقالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر. أخرجاه، ولمسلم عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره، وهذا معنى قولها وشد المئزر، وقيل: المراد بذلك اعتزال النساء، ويحتمل أن يكون كناية عن الأمرين لما رواه الإمام أحمد عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بقي عشر من رمضان شد مئزره واعتزل نساءه. انفرد به أحمد. وقد حكي عن مالك رحمه الله أن في جميع ليالي العشر تطلب ليلة القدر على السواء لا يترجح منها ليلة على أخرى: رأيته في شرح الرافعي رحمه الله، والمستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات وفي شهر رمضان أكثر، وفي العشر الأخير منه، ثم في أوتاره أكثر، والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، ولما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن بريدة أن عائشة قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أدعو؟ قال:«قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وقد رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال:«قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وهذا لفظ الترمذي ثم قال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ورواه النسائي أيضا من طريق سفيان الثوري عن عائشة قالت:
قلت: يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال:«قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»).