للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاح، وجعل أبرهة يحمل على سائس الفيل، وينهره ويضربه؛ ليقهر الفيل على دخول الحرم، وطال الفصل في ذلك، هذا وعبد المطلب وجماعة من أشراف مكة فيهم المطعم ابن عدي وعمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ومسعود بن عمرو الثقفي على حراء ينظرون ما الحبشة يصنعون؟ وماذا يلقون من أمر الفيل؟ وهو العجب العجاب، فبينما هم كذلك إذ بعث الله عليهم طيرا أبابيل أي قطعا قطعا صفرا دون الحمام وأرجلها حمر، ومع كل طائر ثلاثة أحجار، وجاءت فحلقت عليهم فهلكوا. وقال محمد بن إسحاق جاءوا بفيلين فأما محمود فربض، وأما الآخر فشجع فحصب. وقال وهب بن منبه: كان معهم فيلة فأما محمود وهو فيل الملك فربض ليقتدي به بقية الفيلة، وكان فيها فيل تشجع فحصب، فهربت بقية الفيلة وقال عطاء بن ياسر وغيره: ليس كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة، بل منهم من هلك سريعا، ومنهم من جعل يتساقط عضوا عضوا وهم هاربون، وكان أبرهة ممن تساقط عضوا عضوا حتى مات ببلاد خثعم.

وقال ابن إسحاق: فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون. وذكر مقاتل بن سليمان أن قريشا أصابوا مالا جزيلا من أسلابهم، وما كان معهم، وأن عبد المطلب أصاب يومئذ من الذهب ما ملأ حفرة. قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رأيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام، وأنه أول ما رؤي به مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعثر ذلك العام، وهكذا روي عن عكرمة من طريق جيد.

قال ابن إسحاق: فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كان فيما يعد به على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه.

قال ابن هشام: الأبابيل الجماعات ولم تتكلم العرب بواحدة. قال: وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب الشديد الصلب).

وقد علق صاحب الظلال تعليقات مطولة على بعض الاتجاهات الخاطئة في تفسير سورة الفيل ومن كلامه:

<<  <  ج: ص:  >  >>