إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما قلنا: ما أضحك يا رسول الله؟ قال:«لقد أنزلت علي آنفا سورة» فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ثم قال «أتدرون ما الكوثر؟» - قلنا: الله ورسوله أعلم. قال:
«فإنه نهر وعدنيه ربي عزّ وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم في السماء فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول إنك لا تدري ما أحدث بعدك».
وروى البخاري عن أبي عبيدة عن عائشة رضي الله عنها، قال: سألتها- يعني أبا عبيدة- عن قوله تعالى إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قالت: نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم شاطئاه عليه در مجوف آنيته كعدد النجوم. ورواه أحمد والنسائي.
وروى البخاري عن سعيد بن حبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر:
هو الخير الذي أعطاه الله إياه، قال أبو بشر: قلت لسعيد بن حبير فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة. فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه. ورواه أيضا من حديث هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب عن سعيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الكوثر الخير الكثير، وقال الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكوثر الخير الكثير، وهذا التفسير يعني النهر وغيره، لأن الكوثر من الكثرة، وهو الخير الكثير، ومن ذلك النهر كما قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومحارب بن دثار والحسن بن أبي الحسن البصري حتى قال مجاهد: هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة، وقال عكرمة: هو النبوة والقرآن وثواب الآخرة. وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضا وروى ابن جرير عن ابن عباس قال: الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة يجري على الياقوت والدر، ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل. وروى العوفي عن ابن عباس نحو ذلك، وروى ابن جرير عن ابن عمر أنه قال:
الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة، يجري على الدر والياقوت، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل. وكذا رواه الترمذي عن عطاء بن السائب به مثله موقوفا، وقد رواه الإمام أحمد- مرفوعا- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب والماء يجري على اللؤلؤ وماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل» وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير من طريق محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب به مرفوعا وقال الترمذي حسن صحيح).