قال ابن كثير:(أي لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته بل قد اخترعتم شيئا من تلقاء أنفسكم كما قال إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه فإن العابد لا بد له من معبود يعبده، وعبادة يسلكها إليه فالرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه يعبدون الله بما شرعه، ولهذا كانت كلمة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله أي لا معبود إلا الله، ولا طريق إليه إلا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله، ولهذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ كما قال تعالى وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ
مِمَّا تَعْمَلُونَ
وقال: لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ* وقال البخاري: يقال لَكُمْ دِينُكُمْ الكفر وَلِيَ دِينِ الإسلام ولم يقل ديني لأن الآيات بالنون، فحذف الياء كما قال (فهو يهدين- ويسقين).
٣ - وبمناسبة قوله تعالى- على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم-: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ قال ابن كثير: (وقد استدل الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ على أن الكفر كله ملة واحدة، فورث اليهود من النصارى وبالعكس، إذا كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به؛ لأن الأديان ما عدا الإسلام كلها بالشئ الواحد في البطلان. وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم توريث النصارى من اليهود وبالعكس لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتوارث أهل ملتين شتى»).