للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستشهدون».

الجواب: أن الأول في الشهادة الحق. وأن هذه في شهادة الزور.

٥ - رأينا أن الجمهور حملوا الأمر بالإشهاد على البيع الناجز على الندب. ومما يشهد لذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي «أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي، فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه. فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي، فيساومونه بالفرس، ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه النبي صلى الله عليه وسلم: فنادى الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه، وإلا بعته. فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي، قال: «أو ليس قد ابتعته منك». قال الأعرابي: لا والله ما بعتك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل قد ابتعته منك». فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وسلم، والأعرابي وهما يتراجعان. فطفق الأعرابي يقول هلم شهيدا يشهد أني بعتك. فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليقول إلا حقا، حتى جاء خزيمة. فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومراجعة الأعرابي يقول: هلم شهيدا يشهد أني قد بايعتك. قال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة، فقال: «بم تشهد؟». فقال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة، بشهادة رجلين».

٦ - في قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ.

اتجاهان للمفسرين: الاتجاه الأول: أنها منسوخة بقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ. والقول الثاني: أنها غير منسوخة. وإنما قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها بيان لما يكون عليه الحساب. وهو مما يدخل تحت الوسع، ويدخل تحت الكسب.

والمهم أن نعرف أن المؤاخذة في العزم ثابتة. وأما الخطرة دون العزم، فالجمهور على أنها معفو عنها. فإذا اتضح هذا، فمسألة النسخ وعدمه، إنما هي مسألة اصطلاحية، تدور حول التخصيص، هل هو نسخ، أو بيان،. مع الملاحظة أن القاعدة الكلية هي أن النسخ يكون في الأحكام، لا في الأخبار. وقد أخذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الآية أمر شديد، حتى فرج الله عنهم بأن أنزل الآيتين بعدها.

ومما ورد في ذلك. ما رواه الإمام أحمد، وغيره عن أبي هريرة قال: لما نزلت على

<<  <  ج: ص:  >  >>