من الملاحظ في هذه القصة أن الذي حمل إبليس على ما فعله حسده لآدم عليه السلام. وسورة الفلق تختم بقوله تعالى وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ فهي تأمر بالاستعاذة من أشياء آخرها الاستعاذة من شر الحاسدين إذا حسدوا، وصلة ذلك بقصة آدم عليه السلام واضحة، ومن الملاحظ في قصة آدم أن الله عزّ وجل حذرنا من إبليس عليه اللعنة، وأرانا الآثار الفظيعة التي ترتبت على وسوسته لأبينا آدم عليه السلام، وتأتي سورة الناس لتأمرنا بالاستعاذة من الوسواس الخناس، سواء كان شيطانا إنسيا أو جنيا، من هذه الملاحظات السريعة نرى صلة المعوذتين بمحورهما من سورة البقرة كما تعرف هذا المحور أصلا.
فلنر صلة المعوذتين بما قبلهما:
لقد عرفتنا سورة الإخلاص على الله عزّ وجل وكماله وصفاته، وتأتي المعوذتان لتأمراننا بالاستعاذة بالله عزّ وجل من كل ما ينبغي أن يحذر منه في أمر دنيا ودين، فالصلة واضحة بين المعوذتين وبين ما قبلهما من سورة الإخلاص.
وقبل أن نبدأ عرض السورتين فلنذكر بعض ما قدم ابن كثير للسورتين قال:(وقد روى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ورواه أحمد ومسلم أيضا والترمذي والنسائي وقال الترمذي حسن صحيح (طريق أخرى) روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر قال: بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال لي: «يا عقبة ألا تركب» قال: فأشفقت أن تكون معصية، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنية ثم ركب ثم قال: «عقب ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس» قلت: بلى يا رسول الله فأقرأني قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم