أولاده؛ وألطف من ذلك أنه افتتح البقرة بقصة آدم وخلقه من تراب ولا أم، وذكر في هذه نظيره في الخلق من غير أب وهو عيسى، ولذلك ضرب له المثل بآدم، واختصت البقرة بآدم لأنها أول السور وهو أول في الوجود وسابق، ولأنها الأصل وهذه كالفرع والتتمة لها فاختصت بالأغرب، ولأنها خطاب لليهود الذين قالوا في مريم ما قالوا، وأنكروا وجود ولد بلا أب، ففوتحوا بقصة آدم لتثبت في أذهانهم فلا تأتي قصة عيسى إلا وقد ذكر عندهم ما يشهد لها من جنسها، ولأن قصة عيسى قيست على قصة آدم والمقيس عليه لا بد وأن يكون معلوما لتتم الحجة بالقياس، فكانت قصة آدم- والسورة التي هي فيها- جديرة بالتقديم.
وقد ذكر بعض المحققين من وجوه التلازم بين السورتين، أنه قال في البقرة في صفة النار: أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ مع افتتاحها بذكر المتقين والكافرين معا، وقال في آخر هذه: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. فكأن السورتين بمنزلة سورة واحدة، ومما يقوي التناسب والتلازم بينهما أن خاتمة هذه مناسبة لفاتحة تلك، لأن الأولى افتتحت بذكر المتقين وأنهم المفلحون، وختمت هذه بقوله تعالى:
وقد ورد أن اليهود قالوا لما نزل مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ الآية: يا محمد افتقر ربك، يسأل عباده القرض فنزل: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ وهذا مما يقوي التلازم أيضا، ومثله أنه وقع في البقرة حكاية قول إبراهيم: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ الآية وهنا لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ الآية إلى غير ذلك. اهـ كلام الألوسي.
٢ - وفي أسماء سورة آل عمران: قال الألوسي:
« ... وفي صحيح مسلم تسميتها والبقرة- الزهراوين- وتسمى الأمان والكنز والمغنية والمجادلة وسورة الاستغفار».
٣ - من تقديم صاحب الظلال لتفسير سورة آل عمران:
«ولا يتم التعريف المجمل بهذه السورة حتى نلم بثلاثة خطوط عريضة فيها، تتناثر