للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الألوسي:

«أخرج ابن إسحاق. وابن جرير. وابن عبد المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: «قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد نجران، وكانوا ستين راكبا، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة، والعاقب. عبد المسيح. والسيد الأيهم وهم من النصرانية على دين الملك، مع اختلاف أمرهم، يقولون: هو الله تعالى، ويقولون: هو ولد الله تعالى، ويقولون: هو ثالث ثلاثة- تعالى الله- كذلك قول النصرانية، فهم يحتجون في قولهم: هو الله تعالى بأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا، ويحتجون في قولهم بأنه ولد الله تعالى: يقولون: لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد، وصنع ما لم يصنعه أحد غيره من ولد آدم قبله، ويحتجون في قولهم بأنه ثالث ثلاثة: إن الله تعالى يقول فعلنا، وأمرنا، وخلقنا، وقضينا يقولون: فلو كان واحدا ما قال إلا فعلت، وأمرت، وخلقت، وقضيت، ولكنه هو، وعيسى، ومريم ففي كل ذلك من قولهم نزل القرآن وذكر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فيه قولهم فلما كلمه الحبران وهما- العاقب، والسيد- كما في رواية الكلبي والربيع عن أنس قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلما قالا: قد أسلمنا قبلك. قال: كذبتما يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله تعالى ولدا، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، قالا: فمن أبوه يا محمد؟ وصمت فلم يجب شيئا، فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم، واختلاف أمرهم كله، صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها. فافتتح السورة بتنزيه نفسه عما قالوا، وتوحيده إياه بالخلق والأمر لا شريك له فيه، ورد عليهم ما ابتدعوا من الكفر، وجعلوا معه الأنداد، واحتج عليهم بقولهم في صاحبهم ليعرفهم بذلك ضلالتهم فقال:

الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ أي: ليس معه غيره شريك في أمره الحي الذي لا يموت، وقد مات عيسى عليه السلام في قولهم؛ (القيوم) القائم على سلطانه لا يزول وقد زال عيسى، وفي رواية جرير عن الربيع قال: «إن النصارى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاصموه في عيسى ابن مريم وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على الله تعالى الكذب والبهتان، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ قالوا بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟

قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شئ يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟

قالوا: بلى. قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أن

<<  <  ج: ص:  >  >>