اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. وهذا يفيد أن آية «قل يا أهل الكتاب تعالوا ... » قد نزلت قبل مجئ وفد نجران في السنة التاسعة:
وقد ذكر ابن كثير مجموعة وجوه للتوفيق بين قول ابن إسحاق إن صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية، نزل بمناسبة مجئ وفد نجران في السنة التاسعة وكون هذه الآية في رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل في السنة السابعة ومن هذه الأوجه:
«ويحتمل أن صدر سورة آل عمران نزل في وفد نجران إلى هذه الآية، وتكون هذه الآية نزلت قبل ذلك، ويكون قول ابن إسحاق إلى بضع وثمانين آية ليس بمحفوظ لدلالة حديث أبي سفيان عليه».
٢ - يقول صاحب الظلال تعليقا على آية قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ: إن الناس في جميع النظم الأرضية يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله .. يقع هذا في أرقى الديمقراطيات كما يقع في الديكتاتوريات سواء .. إن أول خصائص الربوبية هو حق تعبد الناس، حق إقامة النظم والمناهج والشرائع والقوانين والقيم والموازين .. وهذا الحق في جميع الأنظمة الأرضية يدعيه بعض الناس- في صورة من الصور- ويرجع الأمر فيه إلى مجموعة من الناس- على أي وضع من الأوضاع- وهذه المجموعة التي تخضع الآخرين لتشريعها، وقيمها وموازينها، وتصوراتها، هي الأرباب الأرضية التي يتخذها بعض الناس أربابا من دون الله، ويسمحون لها بادعاء خصائص الألوهية والربوبية، وهم بذلك يعبدونها من دون الله، وإن لم يسجدوا لها ويركعوا. فالعبودية عبادة لا يتوجه بها إلا لله.
وفي النظام الإسلامي وحده يتحرر الإنسان من هذه الربقة .. ويصبح حرا. حرا يتلقى التصورات، والنظم، والمناهج، والشرائع، والقوانين، والقيم والموازين، من الله وحده، شأنه في هذا شأن كل إنسان آخر مثله. فهو وكل إنسان آخر على سواء.
كلهم يقفون في مستوى واحد ويتطلعون إلى سيد واحد، ولا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله.
والإسلام- بهذا المعنى- هو الدين عند الله. وهو الذي جاء به كل رسول من عند الله .. لقد أرسل الله الرسل بهذا الدين ليخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله.
ومن جور العباد إلى عدل الله .. فمن تولى عنه فليس مسلما بشهادة الله. مهما أول