ملتصقا بجدار البيت، حتى أخره عمر رضي الله تعالى عنه في إمارته إلى ناحية المشرق لمصلحة الطواف، ومن أجل ألا يشوش الطائفون على المصلين عنده بعد الطواف. لأن الله تعالى أمرنا بالصلاة عنده.
٥ - من مظاهر الأمن في البيت في الجاهلية ما قاله الحسن البصري وغيره:«كان الرجل يقتل، فيضع في عنقه صوفة فيدخل الحرم فيلقاه ابن المقتول فلا يهيجه حتى يخرج» ومن مظاهر الأمن في الإسلام حرمة اصطياد صيدها، وتنفيره عن أوكاره وحرمه قطع شجرها، وقلع حشيشها، إلا الإذخر للضرورة إليه. ومن مظاهر ذلك في الإسلام ما قاله النسفي وهو من الحنفية: ومن لزمه القتل في الحل (أي غير الحرم) بقود، أو ردة، أو زنى، فالتجأ إلى الحرم لم يتعرض له، إلا أنه لا يؤوى ولا يطعم، ولا يسقى، ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج. قال عمر: لو ظفرت به بقاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه. وقال ابن عباس:«من عاذ بالبيت أعاذه البيت، ولكن لا يؤوى ولا يطعم. فإذا خرج أخذ بذنبه» وهذا كله فيمن ارتكب جريمة خارج الحرم ثم أوى إليه، وأما من ارتكب جريمة داخل الحرم فالإجماع منعقد على أنه يؤخذ بها، ومن مظاهر أمن البيت في الإسلام ما رواه مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يحل لأحد أن يحمل السلاح بمكة» وقد مر معنا شئ من هذا في سورة البقرة.
٦ - روى الترمذي بسند حسن صحيح والإمام أحمد والنسائي عن عبد الله بن عدي ابن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بالحزورة بسوق مكة يقول:«إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت».
٧ - قال ابن كثير وقوله: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا هذه آية وجوب الحج عند الجمهور ... وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد أركان الإسلام، ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا، وإنما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والإجماع.
٨ - روى مسلم عن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج، فقام الأقرع بن حابس فقال: يا رسول الله أفي كل عام؟
فقال: لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها، ولن تستطيعوا أن تعملوا بها، الحج مرة فمن زاد فهو تطوع».