بين المسلمين، أدركنا نموذجا من التفرق المذموم. فلا بد للمسلمين أن يلحظوا أن اللقاء ينبغي أن يكون على المحكم، وعلى التسليم في شأن المتشابه. وعدم الخوض فيه.
وفي القسم الأول ورد قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وهاهنا يذكر الله- عزّ وجل- لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ .. وفي القسم الأول يذكر الله- عزّ وجل- الذين يقتلون الأنبياء، وهاهنا يذكر الله- عزّ وجل- .. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ. وهكذا نجد صدق ما ذكرناه من كون الأقسام الأولى مهدت لهذا القسم، فبعد الكلام عن عيسى عليه السلام، نوقش أهل الكتاب. وبعد هذا النقاش نهينا عن طاعتهم، وعرفنا أنهم لن يضرونا إلا أذى، وأنهم مهزومون إن قاتلونا.
٤ - لنتأمل الآن في تسلسل المعاني ضمن المقطع الذي مر معنا:
بدأ المقطع بالنهي عن طاعة أهل الكتاب وبين أن عاقبة ذلك الكفر، ثم عجب من كفر المسلم بعد إيمانه، وخض على الاعتصام بالله، ثم بين أن طريق الاعتصام: تقوى، واعتصام بالقرآن، وعدم تفرق، ودعوة إلى الخير، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ثم فصل في موضوع التفرق وعاقبته، ثم بين أن حكمة اصطفاء هذه الأمة بسبب اجتماع الإيمان بالله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لها، ثم بين أن أهل الكتاب مفتوحة لهم الطريق ليدخلوا فى هذه الأمة، وبين أن أكثرهم لا يدخلون، وبعضهم يدخلون ويفعلون كل ما تستلزمه قضية التقوى.
وفي وسط هذه المعاني، يبين- عزّ وجل- لنا أن الكافرين من أهل الكتاب لن يضرونا إلا أذى، وأنهم مغلوبون إن قاتلونا، وصلة ذلك بالنهي عن طاعتهم، والاعتصام بالإسلام لا تخفى.
٥ - في بداية هذا المقطع ورد قوله تعالى وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وفي وسط هذا المقطع ورد قوله تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ .. ومن رأى واقع ما نحن فيه؛ علم أن في هذه الآية معجزة تدل على أن منزل هذا القرآن هو المحيط علما بكل شئ فثبته ذلك على الإيمان.