إن سورة النساء تفصل في هذا المحور كما سنرى إن شاء الله. فهي توضح ما يدخل في التقوى، وتوضح الطريق إليها، وتوضح قضية الإيمان والعمل الصالح، وتوضح قضية الموقف من القرآن، ومن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولذلك فإنها مبدوءة بقوله تعالى:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ.
ونجد في أحد مقاطعها: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ. ونجد في أحد مقاطعها إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ. إنها تفصل في هذا المحور. ولكنه تفصيل على غير ما اعتاده البشر، وما ألفوه، إنه تفصيل معجز وهي كما تفصل في هذا المحور، تفصل في امتدادات معانيه في سورة البقرة، وتفصل في ارتباطاته. فالوصية المفروضة على المتقين في سورة البقرة، تأتي هاهنا تفصيلاتها. والقتال المفروض على المتقين في سورة البقرة تأتي هاهنا تفصيلات في شأنه. والسورة- وهي تفصل في محورها من البقرة، وامتدادات معانيه- لها سياقها الخاص، وروحها الخاصة.
وسورة النساء نزلت في المدينة كما ذكر العوفي عن ابن عباس. وهي إذ كانت تفصيلا للطريق إلى التقوى، وتوضيحا لماهية التقوى، وما يدخل فيها. فإنها تأتي بعد سورة آل عمران التي وضعت الأساس للتلقي. وهما جاءا بعد سورة البقرة التي وضعت الأساس للفهم والعمل، تتألف السورة من ثلاثة عشر مقطعا. لكل مقطع منها وحدته. ويربط بين المقطع السابق واللاحق روابط، ويربط بين مقاطع السورة كلها روابط متعددة، والسورة بمجموعها تشكل كلا متكاملا، وهي بمجموعها تأخذ