٤ - وفسر الشافعي قوله تعالى: ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا: بمعنى ألا تكثر عيالكم، فتفتقروا فتضطروا إلى ترك الورع. لأن من كثر عياله لزمه أن يعولهم. وفي كثرة العيال ما يصعب معه المحافظة على حدود الورع، وكسب الحلال. قال ابن كثير: وليس ما مر كلامه، ولكنه ذكر هذا التفسير وعلق عليه بقوله: ولكن في هذا التفسير هاهنا نظر!. فإنه كما يخشى كثرة العائلة من تعداد الحرائر، كذلك يخشى من تعداد السراري أيضا، والصحيح قول الجمهور ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا. أي: ألا تجوروا.
٥ - روى البخاري عن عروة بن الزبير، أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى:
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى .. قالت:«يا ابن أختي: تكون في حجر وليها، تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا إليهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن».
٦ - وفي حكمة إباحة تعدد الزوجات في الشريعة يقول صاحب الظلال:
«إن الإسلام نظام للإنسان. نظام واقعي إيجابي. يتوافق مع فطرة الإنسان وتكوينه، ويتوافق مع واقعه وضروراته، ويتوافق مع ملابسات حياته المتغيرة في شتى البقاع وشتى الأزمان، وشتى الأحوال.
إنه نظام واقعي إيجابي، يلتقط الإنسان من واقعه الذي هو فيه، ومن موقعه الذي هو عليه، ليرتفع به في المرتقى الصاعد، إلى القمة السامقة في غير إنكار لفطرته أو تنكر؛ وفي غير إغفال لواقعه أو إهمال؛ وفي غير عنف في دفعه أو اعتساف!.
إنه نظام لا يقوم على الحذلقة الجوفاء؛ ولا على التظرف المائع؛ ولا على «المثالية» الفارغة؛ ولا على الأمنيات الحالمة، التي تصطدم بفطرة الإنسان وواقعه وملابسات حياته، ثم تتبخر في الهواء. وهو نظام يرعى خلق الإنسان، ونظافة المجتمع، فلا يسمح بإنشاء واقع مادي من شأنه انحلال الخلق، وتلويث المجتمع، تحت مطارق
الضرورة التي تصطدم بذلك الواقع. بل يتوخى دائما أن ينشئ واقعا يساعد على صيانة الخلق، ونظافة المجتمع، مع أيسر جهد يبذله الفرد ويبذله المجتمع. فإذا استصحبنا معنا هذه الخصائص الأساسية في النظام الإسلامي، ونحن ننظر إلى مسألة تعدد الزوجات ...