تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. قال: ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: من أنتم؟
قالوا: نحن النصارى. قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله.
قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: هل أخبرت بها أحدا؟
قلت: نعم فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا: ما شاء الله وحده.
وقال ابن عباس في تفسيره قوله تعالى فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً «الأنداد هو الشرك. أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن يقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص البارحة، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها (فلان). هذا كله به شرك» أقول: وقد غرقت كثير من البيئات في مخلات التوحيد الكبرى أو الصغرى، فعلى العلماء أن يتقوا الله فيقوموا بكل ما يحمي جناب التوحيد كأعظم واجب على الإطلاق، ولنختم هذه النقول بهذا النص:
أخرج الإمام أحمد بإسناد قال عنه ابن كثير: إنه حسن، عن الحارث الأشعري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عزّ وجل أمر يحيى بن زكريا عليه السلام بخمس كلمات أن يعمل بهن، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، وأنه كاد أن يبطئ بها، فقال عيسى عليه السلام: إنك قد أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن، فقال: يا أخي، إني أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي. قال فجمع يحيى بن زكريا بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد، وقعدوا على الشرف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن: أو لهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، فإن مثل ذلك كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده، فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك؟ وإن الله خلقكم ورزقكم؛ فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وأمركم بالصلاة فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده ما لم يلتفت؛ فإذا صليتم فلا تلتفتوا. وأمركم بالصيام، فإن مثل ذلك مثل رجل معه صرة من مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يديه إلى