الغالب، ثم توسع في ذلك، فسميا به وإن لم يربهما. وذكر الحجر في الآية على غلبة الحال دون الشرط، وفائدة ذكره التعليل للتحريم، أي: إنهن لاحتضانكم لهن أو لكونهن بصدد احتضانكم لهن، كأنكم في العقد على بناتهن عاقدون على بناتكم. والربيبة إنما تحرم إذا دخل الرجل بأمها، فإذا لم يدخل بأمها فلا إثم عليه أن يتزوجها. والدخول بالأمهات كناية عن الجماع. واللمس ونحوه يقوم مقام الدخول. وهل يحق له أن يتزوجها إذا لم يدخل بأمها مع بقاء العقد على أمها؟. بديهي أنه لا يجوز له ذلك. لأنه لو فعل، يكون قد جمع بين المرأة وابنتها، وهو لا يجوز. وإذن يجوز له أن يتزوج بنت زوجته التي لم يدخل بها بعد طلاق أمها أو بعد موتها. وهل يحل له أن يتزوج بنتها بعد طلاق أمها مباشرة؟ الجواب نعم لأنه إذا طلقها ولم يدخل بها كان الطلاق بائنا ولا عدة عليها.
٥ - وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ. الحلائل: جمع حليلة. وهي الزوجة. لأن كل واحد منهما يحل للآخر. أو يحل فراش الآخر، من الحل، أو الحلول.
والمعنى: أن أزواج أبنائكم الذين من أصلابكم، محرمات عليكم. وذكر أبناء الأصلاب، لإخراج أزواج من كانوا يتبنونهم. وقد زوح الله رسوله صلى الله عليه وسلم زينب حين فارقها زيد.
وقال الله تعالى (فى سورة الأحزاب) مبينا حكمة هذا التزويج. لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ. وليس هذا لنفي الحرمة عن حليلة الابن من الرضاع. لدخول ذلك في السنة. والحكم الحرمة سواء دخل بها الابن أو لم يدخل، فإنها تحرم على أبيه.
٦ - وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ. أي: وحرم عليكم الجمع بين الأختين في النكاح. ولكن ما مضى مغفور. قال ابن كثير في تفسيرها. (وحرم عليكم الجمع بين الأختين معا في التزويج). وكذا في ملك اليمين بأن يطأ الأختين المملوكتين له إلا ما كان منكم في جاهليتكم، فقد عفونا عنه، وغفرنا له. فدل على أنه لا مثنوية فيما يستقبل. لأنه استثني ما سلف .... وقد أجمع العلماء من الصحابة، والتابعين، والأئمة قديما، وحديثا على أنه يحرم الجمع بين الأختين في النكاح، ومن أسلم وتحته أختان خير، فيمسك إحداهما، ويطلق الأخرى لا محالة.
وبمناسبة عفو الله عما سلف من الجمع بين الأختين، فقد ختم الله هذه الآية بقوله.
إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً. غفر لكم ما مضى مما لم يسبق إليكم فيه بلاغ. ورحمكم بهذا الشرع الذي لم يحرم إلا ما في تحريمه رحمة بكم، وحكمة بالغة، تستفيدون بها في