٦ - رأينا أن الدخول بالأمهات، يحرم البنات. وقد قال الحنفية: إن الخلوة الصحيحة دخول وبها تحرم البنت. ولكن ابن جرير قال: وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأة لا تحرم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها، ومباشرتها، وقبل النظر إلى فرجها بشهوة، ما يدل على أن معنى ذلك (أي الدخول) هو الوصول إليها بالجماع.
٧ - عن إياس بن عامر قال: سألت علي بن أبي طالب فقلت: إن لي أختين مما ملكت يميني. اتخذت إحداهما سرية، فولدت لي أولادا. ثم رغبت في الأخرى. فما أصنع؟.
فقال علي: تعتق التي كنت تطأ، ثم تطأ الأخرى. قلت: فإن ناسا يقولون: بل تزوجها ثم تطأ الأخرى. فقال علي: أرأيت إن طلقها زوجها، أو مات عنها. أليس ترجع إليك؟. لأن تعتقها أسلم لك. ثم أخذ علي بيدي فقال لي: إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله- عزّ وجل- من الحرائر إلا العدد. ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب. قال أبو عمر بن عبد البر بعد أن ذكر هذا الأثر مبينا قيمته: هذا الحديث رحلة رجل لو لم يصب من أقصى المغرب والمشرق إلى مكة غيره، لما خابت رحلته. قال ابن كثير: وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله تعالى:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ... إلى آخر الآية أن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء، وكذلك يجب أن يكون نظرا وقياسا الجمع بين الأختين، وأمهات النساء والربائب. وكذلك هو عند جمهورهم وهم الحجة المحجوج بها من خالفها وشذ عنها.
٨ - روى الإمام أحمد وغيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:(أصبنا سبيا من سبي أوطاس، ولهن أزواج، فكر هنا أن نقع عليهن ولهن أزواج، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم. فنزلت هذه الآية: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فاستحللنا فروجهن).
٩ - حمل بعضهم قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً. على أنه في نكاح المتعة. والنص لا يفهم ذلك كما رأينا. وسواء كانت في نكاح المتعة أو لم تكن، فحرمة نكاح المتعة مقررة في السنة وثابتة فيها، فالمسألة تدور بين كون الآية منسوخة بالسنة إذا فهمناها على أنها في المتعة. أو أنها غير منسوخة إذا فهمناها على أنها في غير المتعة. والعمدة في تحريم المتعة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة، وعن لحوم