القتيل أرضاه عن قاتله، وإن شاء عذب القاتل بحق القتيل، وإذا أدخله الله في النار فذلك إليه- سبحانه- ولكن لا يخلد فيها أبدا، كالكافرين لقوله عليه الصلاة والسلام:«يخرج من النار من كان في قلبه ذرة من إيمان» والخلود في اللغة يطلق على المكث الطويل. وفي آية القتل العمد، يدور كلام كثير، وما قلناه مدار كلام أهل الحق. وفي النقل الصحيح عن ابن عباس في هذه الآية قال:«هي آخر نزولا وما نسخها شئ» فليحذر الإنسان أن يقع في دماء المؤمنين.
٧ - ومما ورد في القتل العمد:
أ- في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» وفي الحديث الذي رواه أبو داود عنه عليه الصلاة والسلام: «لا يزال المؤمن معنقا (أي مسرعا في سيره) صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح» - أي انقطع من الإعياء والوهن-» وفي حديث آخر:«لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم». وفي الحديث الآخر «لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار» وفي الحديث الآخر «من أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله».
ب- روى الإمام أحمد عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت كافرا، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا» وسبب عدم قبول توبة القاتل من حيث إن القتل حق القتيل، وحقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة بالإجماع. فلا بد من ردها إليهم، فإذا تعذر ذلك، فلا بد من المطالبة يوم القيامة.
قال ابن كثير: لكن لا يلزم من وقوع المطالبة، وقوع المجازاة، إذ قد يكون للقاتل أعمال صالحة تصرف إلى المقتول أو بعضها، ثم يفضل له أجر يدخل به الجنة، أو يعوض الله المقتول بما يشاء من فضله من قصور الجنة، ونعيمها، ورفع درجته فيها ونحو ذلك.
ج- روى النسائي وغيره عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يجئ المقتول متعلقا بقاتله يوم القيامة، آخذا رأسه بيده الأخرى فيقول: يا رب سل هذا فيم قتلني؟ قال:
فيقول: قتلته لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي، قال: ويجئ آخر متعلقا بقاتله فيقول: رب سل هذا فيم قتلني؟ قال: فيقول قتلته لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له، بؤ بإثمه، قال فيهوي فى النار سبعين خريفا».