للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقتني، لأنك قد تكون مخدوعا كما خدع الكهنة والفريسيون. أجاب الوالي (ظانا أنه أراد أن يتكلم عن الشريعة): ألا تعلم أني لست يهوديا؟ ولكن الكهنة وشيوخ الشعب قد سلموك ليدي، فقل لنا الحق لكي أفعل ما هو عدل، لأن لي سلطانا أن أطلقك، وأن آمر بقتلك. أجاب يهوذا: صدقني يا سيد أنك إذا أمرت بقتلي ترتكب ظلما كبيرا لأنك تقتل بريئا، لأني أنا يهوذا الأسخريوطي لا يسوع الذي هو ساحر فحولني هكذا بسحره فلما سمع الوالي هذا تعجب كثيرا حتى إنه طلب أن يطلق سراحه، لذلك خرج الوالي وقال مبتسما: من جهة واحدة على الأقل لا يستحق هذا الإنسان الموت بل الشفقة، ثم قال الوالي: إن هذا الإنسان يقول إنه ليس يسوع بل يهوذا الذي قاد الجنود ليأخذوا يسوع، ويقول إن يسوع الجليلي قد حوله هكذا بسحره، فإذا كان هذا صدقا يكون قتله ظلما كبيرا لأنه يكون بريئا، ولكن إذا كان هو يسوع وينكر أنه هو فمن المؤكد أنه قد فقد عقله ويكون من الظلم قتل مجنون، حينئذ صرخ رؤساء الكهنة، وشيوخ الشعب، مع الكتبة والفريسيين بصخب قائلين:

إنه يسوع الناصري فإننا نعرفه لأنه لو لم يكن هو المجرم لما سلمناه ليديك، وليس هو بمجنون بل بالحري خبيث لأنه بحيلته هذه يطلب أن ينجو من أيدينا، وإذا نجا تكون الفتنة التي يثيرها شرا من الأولى، أما بيلاطس (وهو اسم الوالي) فلكي يتخلص من هذه الدعوى قال: إنه جليلي وهيرودس هو ملك الجليل، فليس من حقي الحكم في هذه الدعوى، فخذوه إلى هيرودس، فقادوا يهوذا إلى الذي طالما تمنى أن يذهب يسوع إلى بيته، ولكن يسوع لم يرد قط أن يذهب إلى بيته لأن هيرودس كان من الأمم وعبد الآلهة الباطلة الكاذبة عائشا بحسب عوائد الأمم النجسة، فلما قيد يهوذا إلى هناك سأله هيرودس عن أشياء كثيرة لم يحسن يهوذا الإجابة عنها منكرا أنه هو يسوع، حينئذ سخر به هيرودس مع بلاطه كله وأمر أن يلبس ثوبا أبيض كما يلبس الحمقى، ورده إلى بيلاطس قائلا له: لا تقصر في إعطاء العدل بيت إسرائيل. وكتب هيرودس هذا لأن رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين أعطوه مبلغا كبيرا من النقود، فلما علم الوالي من أحد خدم هيرودس أن الأمر هكذا تظاهر بأنه يريد أن يطلق سراح يهوذا طمعا في نيل شئ من النقود، فأمر عبيده الذين دفع لهم الكتبة (نقودا) ليقتلوه أن يجلدوه ولكن الله الذي قدر العواقب، أبقى يهوذا للصليب ليكابد ذلك الموت الهائل الذي كان أسلم إليه آخر، فلم يسمح بموت يهوذا تحت الجلد مع أن الجنود جلدوه بشدة سال معها جسمه دما، ولذلك ألبسوه ثوبا قديما من الأرجوان تهكما قائلين: يليق بملكنا الجديد

<<  <  ج: ص:  >  >>