أن يلبس حلة ويتوج، فجمعوا شوكا وصنعوا إكليلا شبيها بأكاليل الذهب والحجارة الكريمة التي يضعها الملوك على رءوسهم، ووضعوا إكليل الشوك على رأس يهوذا ووضعوا في يده قصبة كصولجان وأجلسوه في مكان عال، ومر من أمامه الجنود حانين رءوسهم تهكما مؤدين له السلام كأنه ملك اليهود، وبسطوا أيديهم لينالوا الهبات التي اعتاد إعطاءها الملوك الجدد، فلما لم ينالوا شيئا ضربوا يهوذا قائلين: كيف تكون إذا متوجا أيها الملك إذا كنت لا تهب الجنود والخدم؟ فلما رأى رؤساء الكهنة مع الكتبة والفريسيين أن يهوذا لم يمت من الجلد، ولما كانوا يخافون أن يطلق بيلاطس سراحه أعطوه هبة من النقود للوالي، فتناولها وأسلم يهوذا للكتبة والفريسيين كأنه مجرم يستحق الموت، وحكموا بالصلب على لصين معه، فقادوه إلى جبل الجمجمة حيث اعتادوا شنق المجرمين، وهناك صلبوه عريانا مبالغة في تحقيره،
ولم يفعل يهوذا شيئا سوى الصراخ: يا الله لماذا تركتني فإن المجرم قد نجا أما أنا فأموت ظلما. الحق أقول إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة أنه هو يسوع، لذلك خرج بعضهم من تعليم يسوع معتقدين أن يسوع كان نبيا كاذبا وأنه إنما يفعل الآيات التي فعلها بصناعة السحر لأن يسوع قال إنه لا يموت إلى وشك انقضاء العالم، لأنه سيؤخذ في ذلك الوقت من العالم فالذين ثبتوا راسخين في تعليم يسوع حاق بهم الحزن إذ رأوا من يموت شبيها بيسوع كل الشبه حتى إنهم لم يذكروا ما قاله يسوع، وهكذا ذهبوا في صحبة أم يسوع إلى جبل الجمجمة ولم يقتصروا على حضور موت يهوذا باكين على الدوام بل حصلوا بواسطة نيقوديموس ويوسف الاباريماثيائي من الوالي على جسد يهوذا ليدفنوه، فأنزلوه من ثم عن الصليب ببكاء لا يصدقه أحد ودفنوه في القبر الجديد ليوسف بعد أن ضمخوه بمأة رطل من الطيوب.
«الفصل الثامن عشر بعد المائتين»
ورجع كل إلى بيته ومضى الذي يكتب ويوحنا ويعقوب أخوه مع أم يسوع إلى الناصرة، أما التلاميذ الذين لم يخافوا الله فذهبوا ليلا وسرقوا جسد يهوذا وخبئوه وأشاعوا أن يسوع قام فحدث بسبب هذا اضطراب، فأمر رئيس الكهنة أن لا يتكلم أحد عن يسوع الناصري وإلا كان تحت عقوبة الجرم فحصل اضطهاد عظيم فرجم وضرب ونفي من البلاد كثيرون لأنهم لم يلازموا الصمت في هذا الأمر وبلغ الخبر الناصرة كيف أن يسوع أحد أهالي مدينتهم قام بعد أن مات على الصليب فضرع الذي