الله) فإن موضوع الحلال والحرام هو الشئ المتمّم المكمّل في هذا البناء. وإذن فكل المعاني تؤكد وحدة المقطع فلنتأمل صلة المقطع بالسياق القرآني العام:
- قلنا إن محور سورة المائدة هو قوله تعالى في سورة البقرة: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا .. وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.
ولقد فصّل المقطع تفصيلا واضحا في قوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ بأن طالبنا بالوفاء بالعقود وأرانا ما يدخل في العقود، وأمرنا أن نتذكر عهد الله علينا ومواثيقه، ليكون ذلك مقدمة للمقطع الثاني، الذي يبدأ بالكلام عن نقض بني إسرائيل للعهود، وعن نقض النصارى للعهود، فأنتم أيها الأمة المسلمة لا تنقضوا عهودكم.
لقد ذكر في المقطع العقود والخسران يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ.
لاحظ صلة ذلك بالمحور ... الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ إلى قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.
قلنا: إن كل سورة جاءت بعد سورة البقرة تفصّل في محورها، وفي ارتباطات هذا المحور، وفي امتدادات معانيه التي هي أشد لصوقا به:
ومن امتدادات المحور في سورة البقرة قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا.
وهاهنا في سورة المائدة عرفنا أنّ كلمة (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) عهد وميثاق:
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا.
ولا يجوز نقضه، ومن نقضه ألا نتقيد بحلال ولا حرام، ومن نقضه ألا نلتزم بالحدود.
فههنا عرّفتنا سورة المائدة على بعض امتدادات المحور في سورة البقرة وعلى خيط الربط. ومن ارتباطات المحور في سورة البقرة: أنّ المحور وهو قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا