حرّمه الله فى الآية المنخنقة: وهي التي تموت بالخنق، إما قصدا، وإما اتفاقا كأن تتخبّل في وثاقها فتموت به فهي حرام أيضا، وكذلك الموقوذة: وهي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدّد (كالعصا) حتى تموت فلا تحلّ، وكذلك المتردّية: وهي التي تسقط من شاهق أو موضع عال، فتموت بذلك، فلا تحلّ. وكذلك النّطيحة: وهي التي ماتت بسبب نطح غيرها لها فهي حرام وإن جرحها القرن وخرج منها الدّم ولو من مذبحها. وكذلك ما عدا عليها أسد. أو فهد، أو أمثال ذلك أو ذئب، أو كلب، أو نمر فأكل بعضها فماتت بذلك فهي حرام، وإن كان قد سال منها الدّم، ولو من مذبحها فلا تحلّ بالإجماع. وقد كان أهل الجاهلية يأكلون ما أفضل السبع من الشاة، أو البعير، أو
البقرة، أو نحو ذلك. فحرّم الله ذلك على المؤمنين. إلا ما يمكن ذكاته مما مرّ وذكي فإنه يحلّ، فما انعقد سبب موته فأمكن تداركه بذكاة، وفيه حياة مستقرة، من المنخنقة، أو الموقوذة، أو المتردية، أو النّطيحة، أو ما أكل السبع، فذبح وفيه روح جاز أكله. وجمهور الفقهاء على أن المذكّاة متى تحرّكت بحركة تدلّ على بقاء الحياة فيها بعد الذبح فهي حلال. والنّصب: حجارة حول الكعبة كانت العرب في جاهليتها يذبحون عندها، وينضحون ما أقبل منها إلى البيت بدماء تلك الذبائح، ويشرحون اللّحم ويضعونه على النّصب، فنهى الله المؤمنين عن هذا الصنيع، وحرّم عليهم أكل هذه الذبائح التي ذبحت عند النّصب، حتى ولو كان يذكر عليها اسم الله في الذبح، وذلك لأن الذبح عند النّصب من الشّرك الذي حرّمه الله ورسوله.
وكانت العرب في جاهليتها تستقسم بالأزلام: وهي عبارة عن قداح ثلاثة مكتوب على أحدها: افعل، وعلى الآخر لا تفعل، والثالث فارغ ليس عليه شئ، توضع هذه القداح في كيس فمن أراد أمرا مهمّا مدّ يده إلى الكيس، فأجال القداح ثم أخرج أحدها من غير أن ينظر، فإذا طلع سهم الأمر فعله، أو النهي تركه، وإن طلع الفارغ أعاد.
وقد حرّم الله ذلك لما في تعاطيه من الفسق، والغي، والضلالة، والجهالة، والشرك.
وبدلا من ذلك فقد أمر الله المؤمنين إذا تردّدوا في أمورهم أن يستخيروه، بأن يتعبدوا له بصلاة الاستخارة ثم يسألوه الخيرة في الأمر الذي يريدونه.
وبعد أن بين الله- عزّ وجل- ما حرّم علينا، وبعد أن بيّن ما بيّن من معالم الإسلام فيما مضى، مما أصبح به الصف الإيماني متميّزا مستعصيا على الكفر وأهله، فقد أمر الله عباده المؤمنين أن يصبروا ويثبتوا في مخالفة الكفار، وألا يخافوا أحدا إلّا الله. فإنهم إن لم