جند سنين، ولا يخرج من دار الإسلام. وكذا قال سعيد بن جبير، وأبو الشعثاء، والحسن، والزهري، والضحاك، ومقاتل بن حيان: أن ينفى ولا يخرج من أرض الإسلام وقال آخرون: المراد بالنفي هاهنا السجن. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، واختار ابن جرير أنّ المراد بالنفي هاهنا: أن يخرج من بلده إلى بلد آخر فيسجن فيه.
١٢ - يلاحظ من الآية أنّ جزاء الحرابة جزاء دنيوي وأخروي، فأمّا في أهل الكفر فظاهر، وأما في أهل الإسلام فهذا محمول على من استحلّ الحرابة فكفر؛ لأنّ النّصوص تفيد أنّ المسلم إذا أصاب حدا فأقيم عليه فالله لا يجمع عليه عقوبتين. ومن النّصوص في هذا ما ورد في صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: أخذ علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما أخذ على النّساء ألا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا. ولا يعضه (١) بعضنا بعضا، فمن وفى منكم فأجره على الله تعالى، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفّارة له، ومن ستره الله فأمره إلى الله إن شاء عذّبه وإن شاء عفا عنه».
وعن عليّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أذنب ذنبا في الدنيا فعوقب به فالله أعدل من أن يثنّي عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنبا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود في شئ قد عفا عنه». رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن غريب، وبعضهم حمل اجتماع العقوبتين في أهل الإسلام إذا كانت حرابتهم أثرا عن عقيدة فاسدة كحال الخوارج.
١٣ - من قطع السبيل من أهل الإسلام إذا تاب قبل القدرة عليه، وكان قد قتل وأخذ المال في شأنه اتجاهان: الاتجاه الأول: عدم سقوط حق العباد وهو الذي ذكرناه في التفسير الحرفي وهو اتجاه الحنفية. الاتجاه الثاني: اتجاه الشافعية أنه يسقط عنهم انحتام القتل والصلب وقطع الرجل. وهل يسقط قطع اليد أم لا؟ فيه قولان: قال ابن كثير:
وظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع، وعليه عمل الصحابة ثم نقل ثلاثة قصص تفيد هذا وهذه هي:
أ- أخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي، قال: كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة وكان قد أفسد في الأرض وحارب، فكلّم رجالا من قريش منهم الحسن بن