الشرعي الذى يخضع له ويعترف به .. وإنكار القلوب لوضع من الأوضاع قوة إيجابية لهدم هذا الوضع المنكر، ولإقامة الوضع «المعروف» في أول فرصة تسنح، وللتربص بالمنكر حتى تواتي هذه الفرصة .. وهذا كله عمل إيجابي في التغيير .. وهو على كل حال أضعف الإيمان. فلا أقل من أن يحتفظ المسلم بأضعف الإيمان! أما
الاستسلام للمنكر لأنه واقع، ولأن له ضغطا- قد يكون ساحقا- فهو الخروج من آخر حلقة، والتخلي حتى عن أضعف الإيمان. هذا وإلا حقت على المجتمع اللعنة التي حقت على بني إسرائيل:
أقول: لقد فهم الكثيرون من قرّاء السيد رحمه الله هذا الكلام فهما خاطئا، فأصبحوا ينكرون على من يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر في مجتمعاتنا مما أصبح معه من الواجبات وضع الأمور في مواضعها ولذلك نقول:
إنّه من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نقدّم الدعوة إلى الأهم على المهمّ ثمّ وثمّ .. فعند ما أرسل صلّى الله عليه وسلّم معاذا إلى اليمن أمره أن يدعو إلى شهادة ألّا إله إلّا الله ... فإن هم أجابوا لذلك فليدعهم إلى الصلاة ... فإن هم أجابوا إلى ذلك فليعلمهم بأمر الزكاة وهكذا ...
فليس من السنّة أن تأتي إلى إنسان مرتدّ عن الإسلام فتبدأ بدعوته إلى ترك التختم بالذهب مثلا، وهو لا يعترف بالإسلام أصلا، ولو أنّك فعلت فلست آثما، بل أنت مأجور ولكنّ الأصل أن تدعوه أولا إلى الإيمان، فإذا استجاب؛ فادعه إلى فهم الإسلام والالتزام بكل ما فيه، وليس عليك من حرج في أن تقدّم مهمّا على أهم، ولكن السنة أن تقدّم الأهم على المهمّ، وأن تتساهل ابتداء فيما اختلف فيه العلماء لتنتقل فيما بعد إلى آفاق العزائم، فتعلّم النّاس وتربيهم على أن يأخذوا بالأحوط، مع البيان أنّه أحوط دون الإلزام به وكأنّه أمر مجمع عليه. وأما إذا كان إنسان مسلما ابتداء ولكنّه على جهل فهذا لا عليك أن تبدأ معه البيان على ضوء العلم في الأصول والفروع، وأن تنهاه عن المنكر في الأصول والفروع وأن تأمره بالمعروف أصولا وفروعا. هذا كلّه في حق الفرد كفرد
أمّا في الخطاب الجماعي، فالزمان والمكان والأشخاص هي التي تحدّد الموضوع، فإذا كنت تخاطب روّاد المساجد فلا عليك أن تتحدث عن كل شئ من الأصول إلى الفروع،