أسأل، وإنما أسأل الشيخ، فأعاد على عبد الله الحديث فقال عبد الله: لعلك ترى لا أبا لك أني سآمرك أن تذهب فتقتلهم، عظهم وانههم، وإن عصوك فعليك نفسك، فإنّ الله- عزّ وجل- يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الآية.
وروى أيضا .. عن أبي مازن قال: انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة، فإذا قوم من المسلمين جلوس. فقرأ أحدهم هذه الآية عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ فقال أكثرهم: لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم. وروى أيضا ... عن جبير بن نفير قال:
كنت في حلقة فيها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإني لأصغر القوم، فتذاكروا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فقلت أنا: أليس الله يقول في كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ؟ فأقبلوا عليّ بلسان واحد وقالوا: تنزع آية من القرآن لا تعرفها ولا تدري ما تأويلها!! فتمنّيت أنّي لم أكن تكلّمت، وأقبلوا يتحدثون، فلما حضر قيامهم قالوا: إنك غلام حدث السن، وإنك نزعت آية ولا تدري ما هي، وعسى أن تدرك ذلك الزمان: إذا رأيت شحّا مطاعا، وهوى متبعا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك لا يضرّك من ضل إذا اهتديت. وروي أيضا ... أنّ الحسن تلا هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فقال الحسن: الحمد لله بها، والحمد لله عليها، ما كان مؤمن فيما مضى، ولا مؤمن فيما بقي إلا وإلى جانبه منافق يكره عمله.
وروي أيضا أن سعيد بن المسيّب قال: إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، فلا يضرّك من ضل إذا اهتديت. وكذا قال غير واحد من السلف. والذي نقوله تعليقا على هذا كله:
١ - أن الجماعة المسلمة متكاتفة متضامنة، ومن مظاهر تكاتفها: تواصيها بالحق والصبر، وأمرها لبعضها بالمعروف، وتناهيها عن المنكر، فإذا حققت هذا لا يضرها من ضلّ إذا اهتدت، ولكنها إذا تركت التواصي بالحق والصبر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تكون مهتدية.
٢ - إن من الهداية الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، فمن لم يفعل هذا يكون قد ترك من الهدى، فالآية لا تفيد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن الأمر بالمعروف جزء من الهداية.
ولكن قال الفقهاء إذا ترجح لديك عدم فائدة الأمر بالمعروف، فلا يجب عليك