للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضروريات، والريش من التكميلات والزيادات، ثم بين لهم أن لباس التقوى- الذي هو الإيمان والعمل الصالح وسمت ذلك- خير وأفضل وأحسن، وأن هذا وهذا من آيات الله التي تدل على وجوده وقد جعل الله هذه الآية لمن يتذكر ويتعظ.

فإذا اتضح للمتذكرين هذا وهذا: نعمة الله عليهم باللباس والزينة، ونعمة الله بلباس التقوى الذي هو أفخر ما يزين الإنسان.

يوجه الله عزّ وجل النداء الثاني لبني آدم، محذرا لهم من إبليس وقبيله، مبينا لهم عداوته القديمة لأبي البشر آدم عليه السلام، في سعيه في إخراجه من الجنة التي هي دار النعيم إلى دار التعب والفساد، والتسبب في هتك عورته، بعد ما كانت مستورة عنه، وما هذا إلا عن عداوة أكيدة، فلا يكن سببا لفتنتنا نحن بني آدم، فينزع عنا اللباس الحسي، واللباس المعنوي، فتظهر العورات كلها، وقد فعل عليه لعنة الله. فخلعت البشرية- إلا قليلا- اللباس الحسي والمعنوي. ثم بين تعالى أن الشيطان وجنده يروننا ولا نراهم، وأن سنة الله أن يجعل الشياطين أولياء للكافرين؛ يطيعونهم ويتبعون أوامرهم، وهذا هو الواقع، فحيثما كان إيمان كان لباس حسي ومعنوي، وحيثما كان الكفر لم يبق هذا ولا هذا، وبين ذلك ناس يخلعون أو يلبسون على قدر قربهم من الكفر أو الإيمان.

ثم بين تعالى كيف أن كثيرين يفعلون الفواحش التي لا تتفق مع اللباس الحسي والمعنوي، ويدعون أنهم يفعلون ذلك تقليدا للآباء، وأنهم يفعلون ذلك طاعة لله، وكذبوا؛ لأن الله يأمر بالعدل والإحسان ولا يأمر بالفحشاء، وما يقولون إلا جهلا بالله وشرعه وأوامر دينه، وفي هذا المقام أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين أن الله يأمر بالعدل والاستقامة في عبادته بأن تكون في محالها وهي متابعة المرسلين المؤيدين بالمعجزات، فيما أخبروا به عن الله، وما جاءوا به من الشرائع. وبالإخلاص له في عبادته؛ فإنه تعالى لا يتقبل العمل حتى يجمع هذين الركنين: أن يكون صوابا موافقا للشريعة، وأن يكون خالصا من الشرك، بمثل هذا يأمر الله ولكن كما كان في البدء ضلال وهدى، فسيبقى ضلال وسيبقى ناس يتخذون الشياطين أولياء من دون الله، ويظنون أنهم على هدى، كما نرى الآن المنحرفين عن أمر الله فما من واحد منهم إلا ويظن أنه النموذج الأعظم للإنسان العظيم المحيط بكل شئ، وإنما قد نفخ الشيطان فيه من الغرور.

ثم يوجه الله عزّ وجل النداء الثالث لبني آدم أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد، بستر العورات، ولبس الجميل، وأن يأكلوا ويشربوا بلا سرف، لأن الله لا يحب

<<  <  ج: ص:  >  >>