أجيبوهم، فيقولون: إن الله حرمهما على الكافرين؛ بما كانوا يعملونه في الدنيا باتخاذهم الدين لهوا ولعبا، واغترارهم بالدنيا وزينتها وزخرفها، عما أمروا به من العمل للآخرة، ولذلك فإنهم يعاقبون يوم القيامة بأن يعاملهم الله معاملة المنسي من الخير، يتركهم في النار كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم ذاك وبسبب جحودهم بآيات الله.
وبعد أن بين لنا حال أهل الجنة وأهل النار من خلال هذا الحوار ختم المقطع بفقرة طويلة: بدأها بالإخبار عن إعذاره إلى الكافرين، بإرسال الرسول إليهم بالكتاب وأنه كتاب مفصل مبين فضله الله على علم. فكلما ازداد الخلق علما بهذا الكتاب ازدادوا إيمانا به، لأن فيه ما يعجز ويبهر وتقوم به الحجة على الخلق أجمعين، ومع كونه فى غاية التفصيل، ومع كونه مظهر علم الله المحيط والشامل والكامل والمنزه عن الجهل والخطأ وقد جعل فيه الهداية والرحمة للمؤمنين تركوا العمل به. هذا الكتاب تحدث عن كل شئ ومما تحدث عنه أمر الدنيا والآخرة ولا يزال يجئ من تأويله أمر حتى يتم يوم الحساب، وحتى يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. فيتم تأويله يومئذ أي يوم القيامة، وعندئذ يعترف الذين تركوا العمل به وتناسوه في الدار الدنيا أن رسل الله قد جاءوا بالحق، ويطلبون وقتذاك من يشفع لهم، ويتمنون أن يردوا إلى الدار الدنيا، زاعمين أنهم لو عادوا لعملوا غير عملهم الأول وأنى لهم هذا وهذا؟ فقد خسروا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها وذهب عنهم ما كانوا يعبدونهم من دون الله، فلا يشفعون لهم ولا ينصرونهم ولا ينقذونهم مما هم فيه. إنها النهاية العادلة لهؤلاء المجرمين المكذبين المستكبرين.
وفي هذا السياق تأتي آية هي نموذج على هذا الكتاب الذي أنزله الله بعلم والذي فصل فيه بعلم. وهي تذكر بالله وقدرته وتعطي ما لله لله، وسنؤجل الكثير مما فيها إلى التفسير الحرفي وفوائده.
يخبر الله تعالى في هذه الآية أنه خالق العالم. سماواته وأرضه وما بين ذلك في ستة أيام.
قال ابن كثير (واختلفوا في هذه الأيام هل كل يوم منها كهذه الأيام كما هو المتبادر إلى الأذهان، أو كل يوم كألف سنة كما نص على ذلك مجاهد والإمام أحمد ويروى ذلك من رواية الضحاك عن ابن عباس) أو هو يوم آخر؟ ثم يذكر تعالى استواءه على العرش، ثم يذكر أنه يغشي الليل النهار يطلبه سريعا، وأن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره،