مجاهد: كان المشركون يطوفون بالبيت عراة يقولون: نطوف كما ولدتنا أمهاتنا، فتضع المرأة على قبلها النسعة (١) أو الشئ فتقول:
اليوم يبدو كله أو بعضه وما بدا منه فلا أحله فأنزل الله وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها الآية، قلت القائل ابن كثير-: كانت العرب ما عدا قريشا لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش- وهم الحمس- يطوفون في ثيابهم، ومن أعاره أحمسي ثوبا طاف فيه: ومن معه ثوب جديد طاف فيه، ثم يلقيه فلا يتملكه أحد، ومن لم يجد ثوبا جديدا ولا أعاره أحمسي ثوبا طاف عريانا، وربما كانت امرأة فتطوف عريانة، فتجعل على فرجها شيئا ليستره بعض الستر فتقول:
اليوم يبدو كله أو بعضه وما بدا منه فلا أحله. وأكثر ما كان النساء يطفن عراة بالليل، وكان هذا شيئا قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم، واتبعوا فيه آباءهم، ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من شرع الله، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك فقال: وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها.
٣ - وبمناسبة قوله تعالى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ روى ابن جرير عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال: «يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا، كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين» وهذا الحديث مخرج في الصحيحين.
٤ - هناك اتجاه في فهم قوله تعالى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ هذا الاتجاه يفسره قولهم: بدأ خلقكم كفارا ومؤمنين وسيبعثكم كفارا ومؤمنين، وبعد أن ذكر ابن كثير بعض الأحاديث منها:«يبعث كل نفس على ما كانت عليه» رواه مسلم وابن ماجة ولفظه «يبعث كل عبد على ما مات عليه» قال: ولا بد من الجمع بين هذا القول إن كان هو المراد وبين قوله تعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها وما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله
(١) النسعة: قطعة من جلد مضفورة عريضة توضع على صدر البعير