مرة. فأما القلوب التي نوديت من قبل فالنداء الثاني لا تكون له جدته ولا تكون له هزته ولا يقع فيها الإحساس بضخامته وجديته، ومن ثم تحتاج إلى الجهد المضاعف وإلى الصبر الطويل!» .... الخ.
وقد وردت حلقات من قصة موسى- عليه السلام- وبني إسرائيل من قبل في هذه الظلال المرتبة وفق ترتيب السور في المصحف- لا وفق ترتيب النزول- في سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النساء، وسورة المائدة، وسورة الأنعام .. ولكن إذا اعتبرنا ترتيب النزول فإن هذه الحلقات الواردة منها هنا في سورة الأعراف المكية تكون سابقة على ما ورد منها في السور المدنية، وذلك ظاهر من طبيعة عرضها هنا وطبيعة عرضها هناك. فهي هنا تعرض على طريق الحكاية والقصص، وهناك تعرض على سبيل مواجهة بني إسرائيل بها وتذكيرهم بأحداثها ووقائعها ومواقفهم فيها.
ولقد وردت القصة في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن كله- مكية ومدنيه- ولكن ورودها مفصلة اقتصر على عشرة مواضع في عشر سور منها ستة مواضع هي أكثرها تفصيلا. والذي ورد منها في سورة الأعراف كان هو أول تفصيل .. كما أنه هو أوسع مساحة وإن تكن الحلقات التي وردت في هذه المساحة أقل مما ورد منها في سورة طه.
وهي تبدأ هنا من حلقة مواجهة فرعون وملئه بالرسالة. بينما تبدأ في سورة طه من حلقة النداء لموسى عليه السلام في جانب الطور، وتبدأ في سورة القصص من حلقة مولد موسى في فترة اضطهاد بني إسرائيل .. ويبدأ عرضها .. متناسقا مع جو السورة وأهدافها- بالتوجيه إلى عاقبة تكذيب فرعون وملئه وذلك منذ اللحظة الأولى في عرضها ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ.
ثم تمضي حلقات القصة ومشاهدها .. أولا .. في مواجهة فرعون وملئه .. وأخيرا في مواجهة بني إسرائيل والتوائهم وزيفهم وانحرافهم.
ولما كنا سنستعرض القصة- فيما بعد- بالتفصيل فإننا نكتفي هنا بالوقوف أمام معالمها البارزة وموحياتها الكلية:
إن موسى- عليه السلام- يواجه فرعون وملأه بأنه رسول من رب العالمين: