للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدم مقابلة السحر للمعجزة؟ وفي الإصحاح الثامن يقول السفر أثناء الكلام عن آية البعوض (وفعل كذلك العرافون بسحرهم ليخرجوا البعوض فلم يستطيعوا) فههنا نجد نفس التعبير السابق مع زيادة (ليخرجوا البعوض فلم يستطيعوا) ولا شك أن منطق المسألة أن يكون المذكور الأخير هو نفسه الذي حدث أولا فلماذا كان التعبير قاصرا؟

لا شك أنه الخلل.

وقد كررنا أكثر من مرة: أننا لا نعطي الثقة لنقلة هذه الأسفار ولا لطريقة وصولها إلينا وبعد هذا الذي نقلناه. نقول: إنه يمكن أن يدخل في تعبير القمل البعوض والذباب.

فهذه ست آيات أو سبع، ثم الضفادع والدم والجراد، فمجموع هذه الآيات التي ذكرت في سفر الخروج قد استوعبها النص القرآني بكلماته القليلة، وهذا مظهر من مظاهر الإعجاز في هذا القرآن الذي أحاطت كلماته بكل شئ، واستوعبت كل شئ بمثل هذا البيان والتفصيل، وهذا العدد المحدود من الكلمات.

٣ - نحن لم نعتبر ولا نعتبر أن شيئا من كتب أهل الكتاب صالحا لأن يفسر به كتاب الله إلا حيث يحتمل اللفظ القرآني ذلك فعندئذ يستأنس به استئناسا. ومن ثم لم نعتبر كلام سفر الخروج الذي نقلناه مفسرا لكتاب الله؛ والسر في ذلك يعود إلى عدم ثقتنا- كما قلنا- بنقلة هذه الأسفار، ولا بطريقة نقلها، وعدم الثقة هذا دليلنا فيه واضح حتى من هذه الأسفار ولنأت بشيء من هذا الدليل وهو موضوع سنطرقه فيما بعد: إن الأسفار الخمسة الأولى في العهد القديم يسمونها التوراة، والمفروض أن تكون التوراة منقولة نقلا صحيحا ومتواترا، ومميزة عن غيرها، فاقرأ معي هذا النص في آخر صفحة من صفحات هذه التي يسمونها التوراة في الإصحاح الرابع والثلاثين من سفر التثنية: (فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب، ودفن في الجواء في أرض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم).

ماذا نستطيع أن نستنتجه من هذا النص؟.

١ - أن هذا النص ليس من التوراة لأن التوراة نزلت على موسى قبل وفاته فوجود هذا النص يدل حتما على أن هذه الأسفار ليست هي التوراة بل التوراة جزء منها.

٢ - أن هذه الأسفار كتبت بعد أزمان متطاولة إذ كاتبها يقول: (ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم، أي يوم؟ اليوم الذي جمع فيه جامع هذه الأسفار أسفاره وحتما

<<  <  ج: ص:  >  >>