كان ذلك اليوم متأخرا جدا، إذ الجيل الأول المعاصر لموسى ما كان لينسى قبر موسى، ولا مكانه، ولا الجيل الثاني ولا الثالث. فمتى كانت هذه الكتابة لهذه الأسفار؟
حتما بعد المئات الكثيرة من السنين كما سنرى ومن الروايات الشفهية، فكتب هذا شأنها لا تصلح أن تكون حاكمة على الكتاب الذي أنزله الله رب العالمين، العليم بكل شئ، المحيط بكل شئ.
وإذا كان الأمر كذلك فإننا سنحتاط في النقل عنه ونحترس ولولا أن المفسرين القدامى ملئوا كتبهم بما مرجعه كتب أهل الكتاب، والقصاصون زادوا واختلقوا من عند أنفسهم الكثير، ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمح لنا بالتحديث عن أهل الكتاب ما تجشمنا مشقة البحث في هذه الكتب ولكنا بين أمرين: إما أن ننقل عن الأصل مباشرة أو نسكت، وسكوننا لا يلغي ما كتبه المفسرون، ورجوعنا إلى الأصل يعرف القارئ على أصل ما نقله المفسرون، نفعل هذا مع التذكير بالقيمة الحقيقية لهذه النقول.
ونحب هنا أن نذكر بأن ما ذكره القرآن هو الحكم الفصل في كل قضية من القضايا التي تحدث عنها في أمر الزمان والمكان والخلق والتاريخ، والاجتماع والسياسة وغير ذلك، فإذا استقر هذا نقول: إن المقطع الذي مر معنا وهو جزء من سورة الأعراف ذات المحور الذي بين فرضية اتباع الهدى المنزل وعاقبة ذلك سلبا أو إيجابيا، هذا المقطع عرض لقصة فرعون مع موسى، وكيف كان موقفه من الهدى المنزل، وعاقبة ذلك بما هو الحكم الفصل في كل قضية تعرض لها والقلب المؤمن والمستضعفون، وحملة الحق، يعطيهم هذا السياق نفحات لا تنتهي، وكون المقطع مرتبطا بمحور السورة وضمن سياقها العام لا يحتاج إلى إيضاح، ولذلك فإننا لا نحتاج أن نقف عند ذلك.