للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من صحابي أو تابعي فإنه يراه من القسم الثالث، وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري رحمه الله في هذا، وأنه ليس المراد في هذا السياق آدم وحواء، وإنما المراد في ذلك المشركون من ذريته، ولهذا قال الله فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ثم قال: فذكر آدم وحواء أولا كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس كقوله: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ الآية، ومعلوم أن المصابيح وهي النجوم التي زينت بها السماء ليست هي التي يرمى بها، وإنما استطرد من شخص المصابيح إلى جنسها، ولهذا نظائر في القرآن. والله أعلم).

ونقول تعليقا على الجزء من كلام ابن كثير الذي له علاقة في الإسرائيليات: أن ما ذكره يدل على جواز دراسة كتبهم لنقدها، من قبل من عنده علم يميز بين ما هو حق وما هو باطل وما هو محتمل، كما جاز النقل عن كتبهم مع البيان وهذا الذي درجنا عليه في هذا الكتاب.

٧ - وبمناسبة قوله تعالى عن الأصنام وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ يذكر ابن كثير هذه القصة (وكما كان معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما- وكانا شابين، قد أسلما- لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين يكسرانها ويتلفانها ويتخذانها حطبا للأرامل ليعتبر قومهما بذلك ويرتئوا لأنفسهم، فكان لعمرو بن الجموح- وكان سيدا في قومه- صنم يعبده ويطيبه فكانا يجيئان في الليل فينكسانه على رأسه، ويلطخانه بالعذرة، فيجئ عمرو بن الجموح فيرى ما صنع به فيغسله ويطيبه ويضع عنده سيفا ويقول له انتصر. ثم يعودان لمثل ذلك ويعود إلى صنيعه أيضا حتى أخذاه مرة فقرناه مع كلب ميت، ودلياه في حبل في بئر هناك. فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك نظر فعلم أن ما كان عليه من الدين باطل وقال:

تالله لو كنت إلها مستدن ... لم تك والكلب جميعا في قرن

ثم أسلم فحسن إسلامه وقتل يوم أحد شهيدا رضى الله عنه وأرضاه وجعل جنة الفردوس مأواه.

٨ - وبمناسبة قوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ نذكر هذه الروايات. وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة عن أبي قال: لما أنزل الله عزّ وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هذا يا جبريل؟» قال: «إن الله أمرك أن تعفو عمن

<<  <  ج: ص:  >  >>