ذلك عليه، فذلك النفل الذي أحله الله للمؤمنين من أموال عدوهم، وإنما هو شئ خصهم الله به تفضلا منه عليهم بعد أن كانت الغنائم محرمة على الأمم قبلهم، فنفلها الله تعالى هذه الأمة، فهذا أصل النفل. قلت: شاهد هذا ما في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي- فذكر الحديث إلى أن قال- وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي». وذكر تمام الحديث، ثم قال أبو عبيد: ولهذا سمي ما جعل الإمام للمقاتلة نفلا، وهو تفضيله بعض الجيش على بعض بشيء سوى سهامهم، يفعل ذلك بهم على قدر الفناء عن الإسلام والنكاية في العدو، وفي النفل الذي ينفله الإمام سنن أربع، لكل واحدة منهن موضع غير موضع الأخرى (فإحداهن) في النفل لا خمس فيه وذلك السلب (والثانية) النفل الذي يكون من الغنيمة بعد إخراج الخمس، وهو أن يوجه الإمام السرايا في أرض الحرب فتأتي بالغنائم فيكون للسرية مما جاءت به الربع أو الثلث بعد الخمس (الثالثة) في النفل من الخمس نفسه وهو أن تحاز الغنيمة كلها ثم تخمس فإذا صار الخمس في يدي الإمام نفل منه على قدر ما يرى (والرابعة) في النفل في جملة الغنيمة قبل أن يخمس منها شئ، وهو أن يعطى الأدلاء ورعاة الماشية والسواق منها، وفي كل ذلك اختلاف. قال الربيع: قال الشافعي: الأنفال أن لا يخرج من رأس الغنيمة قبل الخمس شئ غير السلب. قال أبو عبيد: والوجه الثاني من النفل: هو شئ زيدوه غير الذي كان لهم، وذلك من خمس النبي صلى الله عليه وسلم، فإن له خمس الخمس من كل غنيمة، فينبغي للإمام أن يجتهد، فإذا كثر العدو واشتدت شوكتهم وقل من بإزائه من المسلمين نفل منه اتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا لم يكن ذلك لم ينفل والوجه الثالث من النفل: إذا بعث الإمام سرية أو جيشا فقال لهم قبل اللقاء: من غنم شيئا فهو له بعد الخمس فهو لهم على ما شرط الإمام لأنهم على ذلك غزوا وبه رضوا. وقال ابن مسعود ومسروق: لا نفل يوم الزحف إنما النفل قبل التقاء الصفوف. «وهذا يفيد أن مذهبهما أن للإمام أن يشجع بإعطاء النفل قبل المعركة كالتشجيع على المبارزة والاستطلاع» .. ويرى الشعبي للإمام أن ينفل بعض السرايا زيادة على قسمهم مع بقية الجيش) أقول: إن للقيادة الإسلامية أن تأخذ بقول أي إمام مجتهد إذا رأت المصلحة في ذلك
٣ - بمناسبة قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ يذكر ابن كثير قصة يرويها عبد الرزاق وفيها آداب فليفطن لها القارئ: روى عبد الرزاق عن القاسم بن محمد قال:
قال ابن عباس: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا سئل عن شئ قال لا آمرك ولا