أنهاك. ثم قال ابن عباس: والله ما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلا زاجرا آمرا محللا محرما، قال القاسم: فسلط على ابن عباس رجل فسأله عن الأنفال فقال ابن عباس كان الرجل ينفل فرس الرجل وسلاحه، فأعاد عليه الرجل فقال له مثل ذلك، ثم عاد عليه حتى أغضبه فقال ابن عباس: أتدرون ما مثل هذا؟ مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب حتى سالت الدماء على عقبيه أو على رجليه، فقال الرجل. أما أنت فقد انتقم الله لعمر منك. وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس» أقول: يفهم من هذه القصة أن ابن عباس يرى أن السلب الذي يعطى للمقاتل المجاهد هو فرس القتيل وسلاحه فقط، وهي قضية خلافية كما رأينا: والشافعية يرون أن السلب للقاتل ولو لم يشترطه الإمام، والحنفية لا يرون ذلك إلا إذا قاله القائد للجندي أو أعلن عنه.
٤ - وبمناسبة قوله تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ يذكر ابن كثير حديثا رواه أبو يعلى في مسنده عن أنس رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟
فقال:«رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك وتعالى، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي. قال الله تعالى: اعط أخاك مظلمته. قال: يا رب لم يبق من حسناتي شئ، قال: رب فليحمل عني من أوزاري» قال: ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال: «إن ذلك ليوم عظيم، يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك في الجنان، فرفع رأسه، فقال: يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ. لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى ثمنه، قال رب ومن يملك ثمنه؟ قال:
أنت تملكه، قال: ماذا يا رب؟ قال: تعفو عن أخيك قال: يا رب فإني قد عفوت عنه، قال الله تعالى: خذ بيد أخيك، فأدخله الجنة» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة.
٥ - هناك خلاف لفظي حول زيادة الإيمان ونقصه، وإنما قلنا لفظي لأنه ما من أحد يشك أن عدم الجزم بالإيمان كفر، ولا أحد يشك أن المشاعر الإيمانية تزيد وتنقص، وهناك خلاف كذلك حول جواز أن يقول الإنسان أنا مؤمن إن شاء الله، ولا شك كذلك أن الخلاف حولها لفظي إذ الجميع متفقون على أن التردد في الإيمان كفر، ولا أحد يستطيع الجزم بأنه من أهل الجنة أو أهل النار إلا بإخبار قطعي عن الله ورسوله،