للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبمناسبة قوله تعالى وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً قال ابن كثير- وهو شافعي-: (وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب، كما هو مذهب جمهور الأمة، بل قد حكى الإجماع عليه غير واحد من الأئمة كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد).

وقال النسفي وهو حنفي: (وعن الحسن رحمه الله أن رجلا سأله أمؤمن أنت؟ قال إن كنت تسألني عن الإيمان بالله، وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، والجنة، والنار، والبعث، والحساب، فأنا مؤمن. وإن كنت تسألني عن قوله إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الآية فلا أدري أنا منهم أم لا. وعن الثوري: من زعم أنه مؤمن بالله حقا ثم لم يشهد أنه من أهل الجنة فقد آمن بنصف الآية. أي كما لا يقطع بأنه من أهل ثواب المؤمنين حقا فلا يقطع بأنه مؤمن حقا، وبهذا يتشبث من يقول أنا مؤمن إن شاء الله، وكان أبو حنيفة رحمه الله لا يقول ذلك. وقال لقتادة لم تستثني في إيمانك؟ قال اتباعا لإبراهيم في قوله والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين. فقال هلا اقتديت به في قوله أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وعن إبراهيم التيمي: قل أنا مؤمن حقا فإن صدقت أثبت عليه، وإن كذبت فكفرك أشد من كذبك. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من لم يكن منافقا فهو مؤمن حقا. وقد احتج عبد الله على أحمد فقال: أيش اسمك؟ فقال: أحمد، فقال: أتقول أنا أحمد حقا؟ أو أنا أحمد إن شاء الله؟ فقال: أنا أحمد حقا. فقال: حيث سماك والداك لا تستثني وقد سماك الله في القرآن مؤمنا تستثني!).

ومن خلال هذين النقلين نعرف وجهة نظر المتجادلين في القضيتين اللتين ذكرناهما.

٦ - وبمناسبة قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا يذكر ابن كثير حديثا رواه الطبراني عن الحارث بن مالك الأنصاري أنه مر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كيف أصبحت يا حارث؟» قال أصبحت مؤمنا حقا. قال: «انظر ما تقول فإن لكل شئ حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟» فقال: عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري، وكأني انظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني انظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني انظر إلى أهل النار يتضاغون فيها، فقال: «يا حارث عرفت فالزم» ثلاثا.

٧ - وبمناسبة قوله تعالى: لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ قال ابن كثير: وقال الضحاك في قوله لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه، ولا يرى الذي هو أسفل منه أنه فضل عليه أحد،

<<  <  ج: ص:  >  >>