الله صلى الله عليه وسلم، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا عليا رد الله تعالى مكرهم. فقالوا:
أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري. فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا في الجبل فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال».
٣ - قص سعيد بن جبير والسدي وابن جريج وغيرهم أن القائل عن القرآن أنه أساطير الأولين، وأنه قادر على أن يأتي بمثله، هو النضر بن الحارث لعنه الله، فإنه كان قد ذهب إلى بلاد فارس، وتعلم من أخبار ملوكهم رستم وإسفنديار، ولما قدم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه الله، وهو يتلو على الناس القرآن، فكان عليه الصلاة والسلام إذا قام من مجلس، جلس فيه النضر، فحدثهم من أخبار أولئك ثم يقول: بالله أينا أحسن قصصا أنا أو محمد؟ ولهذا لما أمكن الله تعالى منه يوم بدر، ووقع في الأسارى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضرب رقبته صبرا بين يديه، ففعل ذلك، ولله الحمد، وكان الذي أسره المقداد بن الأسود رضي الله عنه، كما روى ابن جرير .. عن سعيد بن جبير قال: قتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبرا: عقبة بن أبي معيط، وطعيمة بن عدي، والنضر ابن الحارث، وكان المقداد أسر النضر، فلما أمر بقتله قال المقداد: يا رسول الله أسيري؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنه كان يقول في كتاب الله عزّ وجل ما يقول» فأمر رسول الله بقتله،
فقال المقداد: يا رسول الله أسيري؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم اغن المقداد من فضلك» فقال المقداد: هذا الذي أردت، قال: وفيه أنزلت هذه السورة وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ. (الأنفال: ٣١)
٤ - وأما الذين قالوا: إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ وأشباه ذلك فيبدو أنهم كثيرون، منهم أبو جهل، كما تذكر بعض الروايات، ومنهم النضر كما تذكر روايات أخرى، ومنهم عمرو بن العاص، رضي الله عنه، وقد أسلم.
٥ - وبمناسبة قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قد