للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلاما لبني سعيد بن العاص، وغلاما لبني الحجاج، فأتوا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوه يصلي، فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونهما

لمن أنتما؟ فيقولان: نحن سقاة لقريش بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان، فضربوهما فلما أزلقوهما، قالا: نحن لأبي سفيان، فتركوهما وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتين ثم سلم وقال: «إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله إنهما لقريش أخبراني عن قريش» قالا: هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى (والكثيب: العقنقل) فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كم القوم؟»: قالا: كثير، قال ما عدتهم؟» قالا: ما ندري، قال: «كم ينحرون كل يوم؟» قالا: يوما تسعا ويوما عشرا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القوم ما بين التسعمائة إلى الألف» ثم قال لهما: «فمن فيهم من أشراف قريش؟» قالا: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل، والنضر بن الحارث، وزمعة ابن الأسود. وأبو جهل بن هشام. وأمية بن خلف، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وسهيل ابن عمرو، وعمرو بن عبد ود. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: «هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها». ثم روى محمد بن إسحاق ... أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما التقى الناس يوم بدر: يا رسول الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه، وننيخ إليك ركائبك، ونلقى عدونا، فإن أظفرنا الله عليهم وأعزنا فذاك ما نحب، وإن تكن الأخرى فتجلس على ركائبك، وتلحق بمن وراءنا من قومنا، فقد- والله- تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد لك حبا منهم، لو علموا أنك تلقى حربا، ما تخلفوا عنك، ويوازرونك، وينصرونك، فأثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له به، فبني له عريش، فكان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر ما معهما غيرهما. ثم قال ابن إسحاق: وارتحلت قريش حين أصبحت، فلما أقبلت ورآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل (وهو الكثيب) الذي جاءوا منه إلى الوادي فقال: «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها، وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة». ثم قال محمد ابن إسحاق في قوله تعالى لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ أي ليكفر من كفر بعد الحجة، لما رأى من الآية والعبرة، ويؤمن من آمن على مثل ذلك.

وهذا تفسير جيد).

٨ - وبمناسبة قوله تعالى وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ. قال الألوسي: (وإنما قللهم سبحانه في أعين المسلمين حتى قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>