معاوية. فرجع فإذا بالشيخ عمرو بن عبسة رضي الله عنه. وهذا الحديث رواه أبو داود الطيالسي. وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه. وقال الترمذي حسن صحيح. وروى الإمام أحمد أيضا ... عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه انتهى إلى حصن- أو مدينة- فقال لأصحابه: دعوني أدعوهم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم فقال: إنما كنت رجلا منكم فهداني الله عزّ وجل للإسلام، فإن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون، وإن أبيتم نابذناكم على سواء إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ يفعل ذلك بهم ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الرابع غدا الناس إليها ففتحوها بإذن الله تعالى.
٧ - وبمناسبة قول الله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ نقول: إن كثيرا من الناس يخطئون في فهم هذه الآية. فالآية شملت إعداد كل أنواع الرمي، وكل أنواع الآليات، لأن «من» في الآية لبيان الجنس. فمعنى الآية وأعدوا لهم ما استطعتم من جنس ما يرمى به، ومن جنس رباط الخيل، أي من جنس ما يركب للمعركة. فشمل هذا وهذا كل عتاد يتصور. والرمي في الإسلام له أهميته العظمى، لأن كل عتاد لا قيمة له إذا لم يكن إحسان في الرمي، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ومسلم وغيرهما عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول- وهو على المنبر-: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي». وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ارموا واركبوا، وأن ترموا خير من أن تركبوا». وقد وردت آثار كثيرة في الندب على اقتناء الخيل. وقد تقلصت الحاجة إلى الخيل للقتال في عصرنا، وإن كانت لا تزال تستعمل نوع استعمال، ولكنه قليل، وعلى الأمة الإسلامية أن تبذل جهدا مضاعفا في صناعة السلاح، وأدوات القتال، وآلاته من المدفع إلى الصاروخ، ومن البارجة إلى الطائرة. وأن تتقن استعمال السلاح. وأن تتعمق في فهم فن الحرب؛ لتقف على أقدامها في عالم مدجج بأدوات الدمار. وعليها أن تفقه متى تقدم ومتى تحجم.
٨ - ذهب بعضهم إلى أن قوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها منسوخ بآية القتال في سورة براءة قال ابن كثير: (وفيه نظر أيضا؛ لأن آية براءة فيها الأمر بقتالهم إذا أمكن ذلك، فأما إن كان العدو كثيفا فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت عليه هذه الآية الكريمة، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص).