للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يهاجروا، وقد حكم الله عزّ وجل لمن عاش في دار الإسلام مهاجرا أو من أهلها الأصليين بأنهم هم المؤمنون الحقيقيون، سواء كانوا سابقين أو لاحقين، فهؤلاء عليهم فيما بينهم الولاء لبعضهم بعضا، والأقارب فيما بينهم لهم حقوق زائدة على حق الولاء ضمن هذا المجتمع، كحق الإرث. أما المؤمنون الذين يعيشون في دار الحرب، فهؤلاء ليس لهم حقوق المواطن المسلم في دار الإسلام كاملة، فمثلا: المسلمون عدول، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم ... ولكن ليس للمسلم المقيم في دار الحرب أن يجير، كما أن الاعتداء عليه لا يعتبر كالاعتداء على المسلم المقيم؛ لأن الاعتداء على المسلم في دار الإسلام يعتبر اعتداء على هذه الدار كلها، ومن ثم فعلى الدار كلها أن تحارب من أجله، كما يعتبر الاعتداء عليه غدرا ونقضا للمواثيق. أما الاعتداء على المسلم المقيم في دار الحرب، فلا يعتبر غدرا أو نقضا للمواثيق، إلا إذا كان منصوصا على ذلك، ومن ثم فإننا لا ندخل معركة من أجله، مع معاهدين بيننا وبينهم مواثيق. أما إذا لم تكن المسألة كذلك فعلينا نصره إن كان في طاقتنا ذلك. وتبقى قضية الميراث، فهل هناك توارث بين المسلمين في دار الحرب ودار الإسلام؟ الإجماع على أنه في أول الإسلام لم يكن توارث، أما بعد نزول آيات المواريث فالإجماع منعقد على أن المسلمين يرثون بعضهم حيث كانوا، وهناك مجموعة مواضيع تطرح نفسها من خلال المقطع:

(دار الحرب، ودار الإسلام)، (الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام)، (مسئولية دار الإسلام عن المسلمين في كل مكان) وإذا تعارضت هذه المسئولية مع عهود دار الإسلام فما الحكم؟ مبدئيا نستطيع أن نقول ما يلي:

نتيجة للتاريخ الطويل للمسلمين، والتعقيدات الكثيرة التي حدثت، والتعقيدات الكثيرة لأوضاع عالمنا المعاصر، وانتقال من الأوطان من حال إلى حال، وتتابع الأوضاع المختلفة على القطر الواحد، وفقدان الخلافة الإسلامية فقد أصبحت هناك مجموعة اصطلاحات، دار إسلام. دار حرب. دار عهد. ودار الإسلام منها دار ردة، ودار بغي، ودار فسوق، ودار بدعة، ودار عدل. ولكل منها حكمة. والذي نقوله إن دار العدل الآن: التي تحكم بالإسلام، ويقوم فيها نظام الإسلام، وتتبنى أمور الإسلام، وتبني علاقاتها الخارجية على أساس الإسلام. هذه الدار مفقودة تقريبا، وعلى المسلمين أن يقيموها، فإذا قامت هل تجب الهجرة إليها من بقية دار الإسلام، كدار البدعة، أو الردة، أو الفسوق ... ؟ الحنفية يرون وجوب ذلك. وبعض الفقهاء يفصلون وهل الهجرة إليها من دار الحرب أو العهد واجبة؟ الحنفية يرون ذلك، وبعض

<<  <  ج: ص:  >  >>