للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره، وقد حدد الله مصارفها بأنهم ثمانية أصناف: الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها وهم: الجباة والسعاة، والمؤلفة قلوبهم

وهم أقسام: فمنهم من يعطى ليسلم، ومنهم من يعطى لما يرجى من إسلام نظرائه، ومنهم من يعطى ليجبي الصدقات ممن يليه، أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد، أو ليكف ضرره، والصنف الخامس من مصارف الزكاة هم الرقاب من مكاتبين أو غير ذلك على خلاف بين الفقهاء- كما سنرى- والصنف السادس:

الغارمون وهم أقسام: فمنهم من تحمل حمالة، أو ضمن دينا فلزمه فأجحف بماله أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب، وتفصيل ذلك سيأتي، والصنف السابع: في سبيل الله ويدخل فيهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان وغير ذلك مما سيأتي، والصنف الثامن: ابن السبيل: وهو المسافر المجتاز في بلد ليس معه شئ يستعين به على سفره فيعطى من الصدقات ما يكفيه إلى بلده وإن كان له مال، وهكذا الحكم فيمن أراد إنشاء سفر من بلده وليس معه شئ فيعطى من مال الزكاة كفايته في ذهابه وإيابه، ثم ختم الله آية الزكاة بتبيان أن هذا فرض فرضه الله، فهو حكم مقدر بتقدير الله وفرضه وقسمه، والله عليم بظواهر الأمور وبواطنها وبمصالح عباده، حكيم فيما يقوله ويفعله ويشرعه ويحكم به لا إله إلا هو ولا رب سواه.

وهكذا حدد الله مصارف الزكاة في معرض السياق العام في الأمر بالنفير، وفي معرض قطع طمع المنافقين في الزكاة في السياق الخاص، ومجيئها في السياق العام واضح الحكمة لما في الزكاة من إعانة على الجهاد، ومجيئها في السياق الخاص واضح الحكمة.

ثم يذكر الله عزّ وجل نموذجا ثالثا من نماذج المنافقين: وهو النموذج الذي يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلام، ويصف ما هو حسن فيه فيجعله غير حسن، ومن ذلك قولهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أذن أي: يصدق كل ما يقال له، وقد رد الله عزّ وجل عليهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم شديد الإصغاء لمستمعه، وليس ذلك شرا بل هو خير لصالح المؤمنين ولكنه عليه الصلاة والسلام يعرف الصادق من الكاذب، فيصدق الصادق ويصدق المؤمنين، وهو عليه الصلاة والسلام الرحمة الكاملة الخالصة للمؤمنين، ثم هدد الله هؤلاء الذين يؤذون رسوله عليه الصلاة والسلام بالعذاب الأليم، ثم زادنا الله بصيرة بحال هذا الصنف من المنافقين، وكيف أنهم يحلفون للمسلمين ليرضوا المسلمين، مع أن الأجدر بهم أن يرضوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين حقا، ولكنهم ليسوا مؤمنين،

<<  <  ج: ص:  >  >>