أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ وسنرى أن كلاما عن البر سيأتي. وبقيت من آيات المدخل بلا تغطية قوله تعالى:
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وسنرى أن هذا الأمر سيتوجه إلينا فيما بعد في السورة. إنه إن قبل الكافرون الإيمان؛ فقد أصبحوا مخاطبين بما يخاطب به المسلمون،
وإن رفضوه فلن يطبقوا ما يترتب عليه، ولذلك فإن السياق سيترك الحوار المباشر مع هؤلاء في الغالب وإنما يذكر كثيرا من المعاني بشكل تقريرات، وبهذا نكون قد عرفنا المقطع الثالث وبعض صلاته ببعضه وبما بعده.
- رأينا أن المقطع الثالث بدأ بمجموعة من الأوامر والنواهي هي العلاج الكامل لليهود وأمثالهم من أجل أن ينصهروا بدين الله ودعوته، فبعد أن جاء النداء لكل الناس أن يسيروا في الطريق الموصل إلى التقوى، خص بنو إسرائيل بنداء خاص ولكن هذا جاء بعد قصة آدم التي انتهت بالقاعدة: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وقلنا من قبل إن مجئ الكلام عن بني إسرائيل بعد قصة آدم هو بمثابة عرض نموذج على أمة أنزل عليها وحي وكيف تصرفت مع هذا الهدى لتأخذ هذه الأمة دروس ذلك، ولإدراك هذا الهدف في الصلة بين قصة آدم وقصة بني إسرائيل نلاحظ أنه خلال المقطع تكرر كثيرا ذكر ما يشبه القاعدة التي ختمت بها قصة آدم، فقد ورد في نهاية الفقرة الأولى من الفصل الأول:
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وقد ختمت الفقرة الأولى من الفصل الثاني بقوله تعالى: