فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ثم بعد آيات ورد قوله تعالى وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ أي الكتاب فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ فهذا المقطع إذن يعطينا درسا عمليا في أمة أنزل عليها وحي، وكيف كان موقفها من هذا الوحي.
وبما أن لهذه الأمة استمرارها التاريخي، وهي مخاطبة بالقرآن فمن ثم يندمج العرض للموقف التاريخي مع الموقف الجديد المتجدد، ليرى الانحراف كله قديما وحديثا عن وحي الله، لتأخذ الأمة الإسلامية دروس ذلك ولتواجه هؤلاء المنحرفين بما يناسب.
وعلى هذا فالصلات بين مقطع بني إسرائيل وبين مقطع آدم واضحة المعالم.
- ومن قبل مقطع آدم عليه السلام جاء المقطع الأول في القسم الأول من سورة البقرة وفيه نداء للناس جميعا بالتوحيد والعبادة والإيمان بالقرآن، وضرورة الإيمان والعمل الصالح، وضرورة ترك الفسوق، المتمثل بنقض الميثاق، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، وترك الإفساد في الأرض، ومناقشة الكفر، وتبيان أن الأرض كلها للإنسان، وجاء مقطع بني إسرائيل وفيه خطاب بما يحقق ذلك كله، ودروس في ذلك كله وعواقبه.
لقد رأينا في مقطع بني إسرائيل كيف أخلوا بالتوحيد، وبالعبادة، وبالعمل الصالح، وكيف نقضوا الميثاق، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وكفروا، فتعمق من خلال مقطع بني إسرائيل مضمون ما ورد في المقطع الأول سلبا وإيجابا
لاحظ مثلا أنه ورد في المقطع الأول: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.
وفي مقطع بني إسرائيل ورد: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ..