وأصغى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه فقال:«وإن في أصحابي منافقين» ومعناه أنه قد يبوح بعض المنافقين والمرجفين من الكلام بما لا صحة له، ومن مثلهم صدر هذا الكلام الذي سمعه جبير بن مطعم.
ب- روى الحافظ ابن عساكر عن أبي الدرداء: أن رجلا يقال له حرملة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «الإيمان هاهنا» وأشار بيده إلى لسانه، والنفاق هاهنا وأشار بيده إلى قلبه «ولم يذكر الله إلا قليلا) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم اجعل له لسانا ذاكرا، وقلبا شاكرا، وارزقه حبي وحب من يحبني، وصير أمره إلى
خير» فقال: يا رسول الله إنه كان لي أصحاب من المنافقين وكنت رأسا فيهم، أفلا آتيك بهم؟ قال:«من أتانا استغفرنا له، ومن أصر فالله أولى به، ولا تخرقن على أحد سترا» قال: وكذا رواه أبو أحمد الحاكم.
ج- قال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في هذه الآية قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة فقال «اخرج يا فلان فإنك منافق، واخرج يا فلان فإنك منافق» فأخرج من المسجد ناسا منهم، فضحهم، فجاء عمر وهم يخرجون من المسجد فاختبأ منهم حياء أنه لم يشهد الجمعة، وظن أن الناس قد انصرفوا واختبئوا هم من عمر ظنوا قد علم بأمرهم، فجاء عمر فدخل المسجد فإذا الناس لم يصلوا، فقال له رجل من المسلمين: أبشر يا عمر فقد فضح الله المنافقين اليوم قال ابن عباس: فهذا العذاب الأول حين أخرجهم من المسجد. والعذاب الثاني عذاب القبر.
وقال سعيد عن قتادة في قوله تعالى: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ عذاب الدنيا وعذاب القبر، ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أسر إلى حذيفة باثني عشر رجلا من المنافقين فقال: ستة منهم تكفيهم الدبيلة- سراج من نار جهنم يأخذ كتف أحدهم حتى يفضي إلى صدره- وستة يموتون موتا. وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا مات رجل ممن يرى أنه منهم نظر إلى حذيفة، فإن صلى عليه، وإلا تركه. وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة أنشدك الله أمنهم أنا؟ قال: لا ولا أؤمن منها أحدا بعدك.
د- وروى عبد الرزاق عن قتادة في هذه الآية أنه قال: ما بال أقوام يتكلفون علم الناس فلان في الجنة وفلان في النار، فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال: لا أدري، لعمري أنت بنصيبك أعلم منك بأحوال الناس، وقد تكلفت شيئا ما تكلفه الأنبياء